السلام عليكم /
بوركت عزيزي طالب الغفران , وبورك قلمك على بحثك الموّفق , وزادك الله علماً , وألهمك فهماً .
تتجلى الفيوضات الإلهية على الإنسان , ونعمه السابغة دنياً وآخرةً , لتتكون لديه في نهاية المطاف حقيقة أنّه جلّت قدرته سبقت رحمته غضبه رغم قدرته على الانتقام من عباده , ولكنـــّه مع ذلك كلّه فقد وفــرّ لهم السبل الكثيرة للوصول إلى رحمته مهما تمادوا في ضلالاتهم واتـــبـــّاع أهوائهم , فجعل أمامهم المخارج المختلفة فكلــّما وجد المرء نفسه قد انزلق في مهاوي الضلالة , وجد أمامه باباً من أبواب الرحمة مفتوحاً , ولكنّ الإنسان أحياناً يرى النور من نافذةٍ فيهرب منه , وكأنّ الباري تعالى هو من يطارد عبده ليفيض عليه من رحماته .
إنّ الشفاعة هي إحدى تجليات هذه الرحمة الإلهية , ولولا هذه الأبواب لأصبح الخاسرون في الآخرة كـــُثـــُراً فهو سبحانه يعاملنا بفضله , وليس يعاملنا بعدله , ولذا فلا غروَ أن يتعجب الإمام زين العابدين عليه السلام كما ورد في الروايات ممن دخل النار كيف دخلها , وهو يشير إلى هذا المعنى لشمول الرحمة , وأبوابها المشرعة للولوج إليها .
ولو عدنا إلى الوقائع الدنيوية لوجدنا أنّ الوصول إلى بعض المطالب الدنيوية قد تصعب دون وجود الوسيط الدنيوي بينك وبين من تطلب الحاجة منه على الرغم أنـــّك كثيراً ما تكون قد حـــُرمتَ من حاجتك هذه ظلماً وعدواناً ومع ذلك أنت في حاجة إلى الشفيع لتأخذ حقــّك الذي منعتَ منه , أمـــّا خالق العباد فرغم استحقاقك للعقاب إلاّ أنـــّه أتاح للشفعاء أن يشفعوا لك وهو يريد خلاصك , وفي الدنيا يــُسمحُ للمتــّهم أن يأتي بمحامٍ للدفاع عنه مع عدم الجزم بصدور الجريمة منه , ولكن في الساحة الإلهية فيســمح للشفعاء أن يشفعوا رغم ثبوت الجرم , وعــِظــَمِ الجريرة , فتباركتَ ربنا وسعتَ كلّ شيءٍ رحمةً , ربنا واجعلنا ممن تصيبه رحمتك , وتناله شفاعة نبيــّك وآله صلواتك وسلامك عليهم أجمعين يا ربّ العالمين .
قد تكون لي عودةٌ لبعض الإشارات, والاستفسارات الخفيفة .
تحياتي