أرجوك لا ترحلي. ابقي إلى جانبي إلى أن يمتلأ صدري دفئا. فأنا يا صغيرتي طفل وحيد.
تكلمي، تكلمي، تكلمي. قولي لي كل ما يختبأ خلف ضياء وجهك. أخبريني كل أقاصيصك الصغيرة. وحين تشعرين بأنك قد فرغت من الكلام فلا ترحلي. اقتربي أكثر. ضعي يدك على صدري. إن صدري لا يتوقف بحضرتك. سأضع يدي على خاصرتك. أرغب في رقصة قصيرة. خطواتي خائفة، والغرفة ضيقة، والهواء الطلق يناديني.. هل أرحل؟! لا أظن. لا زال أمامنا متسع من الغرفة والوحدة. أطفئي العالم من حولنا وأشعلي أصابعي شمعا، ثم واصلي التوغل في داخلي. اسكنيني، واحكمي أرجاء مملكة حب لم يستوطنها أحد.
حزينة أنتِ. أدري. مهما حاولت ستر ذلك بالصمت خلف ستائر سوداء. اسمعيني: أنا لا أغوص في حزن الآخرين. ربما لأني غارق في حزني، وربما.. حسنا، علي أن أعترف هنا: لا أدري لماذا. لكنني لا أقوى على رؤية الحزن يعبث في عينيك الحنونين. لست قادرا على لمس عرق الحزن في يديك دون أن يصيبني الحزن لأجلك. أنا لا أغوص في حزن الآخرين. أنا أدعوك لأن تتجردي من الحزن ومن الآخرين، وكذلك سأفعل. ثم لنسبح معا حتى نصل إلى بعض المباهج الصغيرة. أنتِ مثلي: لا تجيدين إخفاء الأحزان، ولا تجدين من يخفيها عنك، أو يخفيك عنها. ربما لم نخلق لنكون معا. بيد أن الحزن قادر في لحظة أن يصيرنا روحا واحدة.
ابتسمي يا صغيرتي. وانزعي خمار الحزن عن ضياء وجهك. ربما لو علم الله كيف يبدو الحزن في وجهك لما أوجده من العدم!