(لحظة إهمال)
أمسكتُ بقلمي, أكتُب لكُم مأساتي، لعل الكُل يصِل إليه كلماتي, لكي لا يحدث معكم ما حدث معي...
كُنت أسعد إنسانة بالدنيا, أعطاها الله زوج قلبهُ طيب ويعشقني وأعشقهُ لدرجةِ الجــنون....
أنجَبتُ منه ولدي الوحيــد مُحمد, بعد أن تعالجت ست سنوات لكي أنجبه...
ابني محمد, عمره 6 سنوات, طفل محبوب وذكي جداً, يحب أن يكتشف الأشياء ويستطلع عليها من حوله, وحلمه أن يصبح طبيباً في المستقبل, وكنت فرحة لذاك الطموح, وأشجعه على ذلك....
صديقه الوحيد هو عبد الله ابن عمه, يحب ابن عمه ويعتبره صديق عمره, إلا أن عمه وزوجته في خلاف معي ومع زوجي...
في أحد الأيام طلب محمد من عبد الله أن يأتي معه إلى منزلنا ليلعبا...
وكنت يومها مشغولة جداً ومنهمكة في تنظيف البيت وترتيبه وإعداد الطعام, لأن زوجي العزيز سيأتي من سفره بعد سويعات قليلة....
استأذن مني محمد أن يلعب مع عبد الله في صالة المنزل’ فأذنت له بذلك...
كعادته محمد ومن شدة حبه للطب, أخذ دوره في اللعب أن يكون طبيباً وعبد الله هو المريض...
_محمد: أنا الطبيب وأنت المريض يا عبد الله, أنت تأتي إلي في المستشفى وكأن بطنك يؤلمك, ثم أقيس نبضات قلبك وأكتب لك وصفة علاج, ثم أعطيك الدواء وتتناوله...
_عبد الله: ....فكرة رائعة...لكن أين الدواء الذي سأتناوله...؟!
تذكر محمد أني في ليلة البارحة وضعت علبة الدواء بجانب التلفاز بعد أن استخدمته,فأخذه وأعطاه عبد الله....
وبدءا بتنفيذ لعبتهما...
وبعد أن وصف محمد الدواء لعبد الله, أخذ عبد الله حبتين من ذلك الدواء وابتلعهما,.....
_عبد الله: محمد الدواء هذا طعمه غريب, لم أذق مثله قــط...ما رأيك أن تجربه..!؟
_محمد: أعطني منه لأتذوقه...؟
وأخذ محمد يبتلع حبات الدواء......
وبدءا مفعول الدواء يسير في جسديهما, وتسمما....
ولم أكن قريبة منهما لحظتها, وفي وسط انهماكي بالعمل...افتقدت ضجيج لعبهما...!
ذهبت لأستكشف الأمر .. فوجدتهمـا مستلقِيَين على الأرض .. و تهيأ لي أنهما غطـا في نوم عميق ..
لم أكترث كثيراً .. غير أني ابتسمت لشقاوتهمـا .. فقد ناما بعد أن أنهكهمـا اللعب ..
ذهبت لأرفعهمـا إلى السرير .. فأحسست بشيء غريب ..
تحسستُ نبضهمـا .. أنفاسهمـا .. فلا شيء يجرعني الأمــل !
يا ربي .. ما هذه الصدمـــة !! مـاذا أرى ؟؟!
صدمـــت !! إلهـي .. ما هذا ؟
لم أتوقع أن أرهمـا هكذا ..
تلفت حولي .. فوجدت علبة الدواء فارغـة !
بكيت بكاء شديـــد.......ولمـــت نفسي........أنا السبب في ذلك...؟ هذا نتيجة إهمالي.!
كم بكيت وكم ندمت...
لكن بعد ماذا..؟! وهل سينفع الندم الآن..!؟
إنه إهمالـــي....
فقدت بسببه فلذةُ كبــدي, ابني الذي كان حلمه أن يصبح طبيباً، طلقني زوجي بسبب إهمالي, ولأن أخيه وزوجته قالوا بإني أنا السبب في فقدانهما لابنهما عبد الله...
وبعد أن تعبت نفسيتي أصبحت حبيسة غرفة في مستشفى الطب النفسي....
والحمد لله اليوم بعد أن شفيت ها أنا أنادي لعلكم تسمعون....
لا تجعلوا الإهمال يفقدكم أغلى شيء بحياتكم....
إلى كُل أم, ابعدي الأدوية عن أطفالك,وبيني لهم خطورة ذلك, فلا أتذكر إني جلست يوماً مع ابني لأبين له خطورة الدواء...
إلى جميع المدارس, انشروا التوعية بين طلاب العلم...
إلى جميع المراكز والإعلام: بينوا للناس إنه قد تكون لحظة إهمال تُخسركم أغلى ما في حياتكم...
تحيتي/ وردة الأحلام