نرحب بعودة ابن تيماوية ، وإرجاع المياه لمجاري الحوار والنقاش ..
كنا في مشاركة سابقة ألمحنا إلى نقاط مهمة ، وهي مفصلية – في نظري – في حوارنا عن الغناء .. لكني – وكما توقعت – لم أرَ تغيّراً يذكر لدى ابن تيماوية ، سوى حشد الكثير من العبارات التي تجر بعضها عن مسائل فقهية جاهزة ، ويقوم فقط بإضفاء بعض التلميحات والإيضاحات المباشرة ، كما لاحظت أيضاً تناقضاً عجيباً في كل تعليق ، وبعد هذا .. يختتم المشاركة بهذه العبارة :
( الخلل في كلمة يعني الخلل في الفهم ويعني الخلل في الحكم ) ..
وبمجرد أني قرأت هذه الجملة الختامية للمشاركة ، انفتح في ترب اندهاشي علامة تعجب كبيرة .. فلمَ هذه العبارة ؟ وهل أنا أقرأ قرآناً أم نصاً مقدساً كي يكون كل خلل في الكلمة المكتوبة يعني خللاً في الفهم من ثم خللاً في الحكم ؟! ..
وقد كنت – كما أشرتُ قبل أسطر – طرحت على ابن تيماوية عدة ملاحظات تمس صميم الحوار ، وأراه ( مكانك سر ) .. لم يستجد شيئاً !!
وأحب هنا أن أعيد إليه نقطتين ، هما :
1ـ لم تجب .. هل قرأت كتاب الفضلي ؟ أو أي كتاب فقهي عن الغناء ؟
2ـ لم يتضح من خلال هذه المشاركة وما قبلها وجود رصيد ثقافي فني كافي عن تفاصيل الغناء والآلات الموسيقية ، سوى الفتاوى التي تحملها على عاتقك لتستعرضها وتلقي بها فقط وفقط ..
# وعن أهم وقفات في مشاركتك السابقة ، أقول :
1ـ لا أدري من أين جاء ابن تيماوية بأن مجالس اللهو تختلف من منطقة إلى منطقة أخرى في ذائقتها وحكمها للغناء بالمحرم أو المحلل بحسب تناسبه مع اللهو والطرب واللعب ، فالعراق – مثلاً – ليست هي دولة بعيدة عنا ، بل أن غالب الدول العربية متقاربة في الحس الفني والغنائي ، ولا يوجد ذلك الفارق المطرد الذي نحكم عليه باختلاف التذوق والحكم كلياً ، كمناطق الدول الغربية مثلاً .. وابن تيماوية نفسه يقول بعد أسطر من تعليقه بأن الغناء حرام سواء ناسب مجالس اللهو أو لا ؟ فكيف نجمع بين اختلاف المنطقتين ، وبين أن الغناء هو حرام ؟ وكيف يحلل لي الحكم الفقهي غناء أدي بمجلس لهو وطرب في منطقة ، ليؤدى في منطقة أخرى بحكم الحلية ؟!! كيف .. تفسر لي هذا التناقض ؟
2ـ من المعروف أن أغلب جلواتنا في الأعراس هي أغان عراقية أو سورية ؟ فهي انطلقت من مجالس لهو ولعب ، فكيف على حد كلامك تحلل في منطقة أخرى ؟.
3ـ نعود لآلة (العود ) أخرى ، ونضطر لإعادة نفس الإثارة في موضوع سابق .. ما الحرمة إذا أدخل العازف صوت عود لما يناسب صوت المعزي أو لحنه .. إذا كان رأي السيد السيستاني بأن لا توجد آلة مخصصة بعينها في الحرمة ؟
وفي تعليق آخر تقول بأن الضرب على العود هو محرم ،على اعتبار خصوصية الآلة هذه باللهو ؟
فهل تستطيع إثبات الخصوصية بالعود أو غيره باللهو فنياً وفي عصرنا هذا الذي تنوعت فيه الاستخدامات بحسب غرض كل مستخدم ؟
4ـ كيف تقول بأن اختفاء اختصاص الآلة باللهو لا يغير بالقاعدة الأساسية للحكم ، ومعول تحريم معظم الفقهاء للآلات الموسيقية مناسبتها لمجالس اللهو والطرب واللعب ؟
5ـ بشأن تعليقك وردك لمفردة (الطرب) لا أريد أن أكرر ما سبق ، فاقرأ تعليقك بنفسك لتجد أن حالك فيه ، كما يقال ( وفسر الماء بعد الجهد بالماء !!) .
6ـ وأخيراً : لا أدري ما السر في تكرارك لعبارة ( آلة مختصة باللهويين ) أريدك أن تذكر لي أية آلة اختصت للهويين ، وسأبيّن لك فنياً كيف يتنوع من يستخدمها كل بحسب غرضه وهدفه ؟؟
ونحن كما أشرنا للقارىء سنجري عرضاً لكتاب الفضلي حول الغناء ، لكن بعدما يجيبنا ابن تيماوية ، ولن أكرر ما ختم به مشاركته ، من أن كل من تتبع كلامي لا بد أن يدقق فيه ، وإن لم يدقق ، فسيسيء الفهم ، ومن ثم .... ( ومن أنا لأقول هذا ؟؟ إنما أنا بشر ، يعتريني الخطأ والسهو الجهل والنقص ... وصدر رحب لمن يسددني في كل خطوة أخطوها .. )
ابن المقرب