عرض مشاركة واحدة
قديم 04-01-2004, 12:56 PM   رقم المشاركة : 18
سبيل الرشاد
كاتب قدير ومربٍ فاضل







افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي )

( إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ )

أشكر هذه المشاعر الصادقة من كل قلب شاركنا مصابنا الجلل سواء بالحضور أو بالكتابة أو بالهاتف أو بزفرة حزن ولوعة أو بدمعة على رحيل الوالدة الحنونة المباركة والمشهورة لدى الكبير والصغير في بلدتنا الحبيبة الطرف بهذا الاسم ( حجية امطوعة ) . والتي لم يخل بيت من بيوتات الطرف إلا ولها جميل صنع وسبيل إحسان وبركة وامتد ذلك حتى خارج البلد .

أحبائي :
نحن بالفعل بحاجة إلى هذه المواساة فالخطب جلل والمصاب ثقيل ... فبرحيل الوالدة فقدنا تسعين عاما من العطاء وتسعين عاما من الذكر والدعاء وتسعين عاما من الاحسان والبركة ، ولعلي على الخصوص أكثر اخوتي حظاً من هذا العطاء حيث كانت تعيش معي ونلتُ شرف خدمتها . وسأرد عليكم قصة الرحيل :

قبل وفاتها بأربعة أيام وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف ليلا جاء ولدي حمزة مناديا أمه : إن جدتي تطلب الذهاب إلى الخلاء وأخته الصغيرة ريحانة التي كانت تقوم على رعايتها بهذا الشأن نائمة وهي التي أخذت دور اختها الكبيرة والتي زفت إلى عريسها بعد عيد الفطر ، عادت أم عبدالله لي قائلة لي : إن الوالدة متعبة جدا ولا تستطيع النهوض ، فذهبت إليها مسرعا ووجدتها كذلك ، أجلستها وأسندتُ ظهرها إليَ وأمرتُ بإحضار كأسا من الماء وشربته وحمدت الله وذكرت عطش الحسين وأدت السلام عليه كعادتها عندما تشرب الماء في كل مرة ، ولكن هذه المرة كانت الأخيرة وكان الماء آخر رزقها وقالت تلك العبارات بكلمات متباعدة لثقل المرض . عهدتُ إلى أم عبدالله أن تلقنها الشهادة بالوحدانية والرسالة والامامة ، وذهبت ُ أنا لإحضار الدكتورة من مستوصف الطرف وعندما رأتها قالت : لا بد من إرسلها فورا إلى مستشفى الجفر وبعد الفحص قال جناب الدكتور الحاذق : النتائج سليمة !!! قلت له : ولكن حالها لا يدل على ذلك إنها في غيبوبة ، وهذا متوقع من مثل هذا المستشفى والعاملين فيه ، ويقول المثل ( طالع وجه العنز واحلب لبن ) . نقلتها بسيارتي مع ولدي محمد إلى مستشفى المانع - قسم الطواريء - والحق يقال فبمجرد أن علموا بالحالة هبَ خمس أفراد بالسرير إلى السيارة ونقلوها إلى غرفة الطواريء وأجروا جميع الفحوصات اللازمة وفي خلال نصف ساعة تقريبا قال لي الطبيب المختص : إن النتائج لا تبشر بخير فهي تعاني من النسبة العالية للخمائر الكبدية والتهاب بالرئة وربما جلطة خفيفة بالرأس . وسنجري باقي الفحوصات غدا إن شاء الله لتتضح الصورة بشكل كامل ، ونقلوها مباشرة إلى العناية ، ولكن القدر المحتوم سلب كل الجهود ليقف الطبيب عاجزا من عمل أي شيء ، لأن الوالدة لا تستجيب للدواء حيث عمرها المتقدم والذي ناهز التسعين عاما . أما أنا ورضيعتي وأخي اللذان يكبراني أتينا إلى الباب المفتوح على الدوام عندما تغلق الأبواب مع جمع من المؤمنين الأوفياء يقدمهم المشايخ بالابتهال والدعاء لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، ولكن الإرادة الإلهية اقتضت باسترجاع الامانة بعد أن استكملت رزقها وأسلمت روحها إلى بارئها في ليلة الأربعاء السابع من ذي العقدة الحرام الساعة الحادي عشر وخمس دقائق وبعد أربع ليالي من المعاناة ، ونحن نجول بأنفسنا يمنة ويسرة خوفا من الفراق الذي لا قدرة لنا عليه . وقد يقول قائل : إنها كبيرة في السن . فأقول : إن الأم والولد لا أثر لعمرهما عند الفراق فآلامه واحدة ، لا أراكم الله مكروها في عزيز لكم كبيرا كان أو صغيرا .

أماه : إنَ لكِ في كل حرف من حروف القرآن المجيد شاهد وشفيع .

وسأرد عليكم لاحقا بعض من شذرات حياتها ...

أحبائي أعضاء منتديات الطرف :
أقدم لكم جميل اعتذاري لهذه الغيبة الطويلة بسبب انشغالي بإعداد تقويم الرضا لعام 1425هـ وأسباب أخرى سأذكرها لاحقا .

لكم مني ملء الأرض تحايا تزفها الأشواق الحارة

أخوكم / سبيل الرشاد

 

 

 توقيع سبيل الرشاد :
ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد
سبيل الرشاد غير متصل   رد مع اقتباس