السلام عليكم /
الشكر لجزيل للأخ الكريم المراقب لإيراده هذا الخبر , ووقفة عرفان لقلم الأستاذ جابر على ما سطّره في ردّه , والشكر لهذه الصحيفة التي أتاحت الفرصة للرأي الآخر أن يتكلم , وليس بمستغربٍ على هذا الداعية أن تكون لديه مثل هذه التوّجهات فهو من عظّم من قدر المقبور صدّام حسين , واعتبره في تعداد الشهداء لأنــّه قتل في يومٍ عظيم ( يوم عيد الأضحى المبارك ) ووّفق للنطق بالشهادتين قبل وفاته في استخفاف ٍ سافر لفهم العقلاء , وهذا لا يهمنــّا الآن , ولكن أردتُ أن أعلّق على تحفّظ بعض الأخوة الكرام والأخوات الكريمات , على ورود عبارة ( رضي الله عنه ) للإمام الحسين عليه السلام في سياق ردّ الأستاذ جابر :
المنهج السائد بين جمهور المسلمين في تعاملهم مع الأعلام التاريخية قد حصر استخدام عبارة ( عليه السلام ) في الأنبياء والرسل , والملائكة رغم ورود ما يخالف ذلك في مصادرهم الحديثية , وبغض النظر عمـّا إذا كان النص الأصلي للأخ جابر وردت فيه عبارة ( رضي الله عنه ) تماشياً مع سياسة الصحيفة أو كان التعديل من الصحيفة نفسها , فقد سبقنا الشيخ الأستاذ ( طالب المريدين ) في القول برجحان هذا الفعل إن كان لغايةٍ ناهضة , لذا قد لا يستدعي الوقوف عند هذه النقطة طويلاً لسببين :
1- مفردة الرضا جاءت في القرآن الكريم في عدد من الآيات الكريمات في امتداح المؤمنين الصالحين , ونعلم أنّ ما من آية في القرآن الكريم تذكر المؤمنين إلاّ وعليٌ عليه السلام فيها هو سيدهم وأميرهم .
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) ) سورة البيــّنة
أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقبل علي فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): و الذي نفسي بيده إن هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة و نزلت «إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات - أولئك هم خير البرية» فكان أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية .
وخلاصة هذه النقطة : إنّ عبارة ( رضي الله عنه ) لا تستوجب التوهين الذي لا يسوّغ لنا البتــّة استخدامها ولو من باب المداراة اللفظية لكسب الحوار وحفظ النقاش في إطاره الموضوعي ما دام أن ليس هناك مساسٌ بثوابت عقدية , فهل هناك فتوى من فقيهٍ بتحريم ذلك .
أنا أعلم جيداً أنّ الحساسية لهذه العبارة من بعض الأخوة والأخوات حفظهم الله قد يكون ناشئاً من أنّ استخدامها موّسعٌ للعامة والخاصة من الشخصيات التاريخية مـمّا يعطي تصوراً بأنّ هؤلاء الأئمة الطاهرين عليهم السلام كغيرهم في الرتبة والفضل كما هي بالفعل نظرة غيرنا لهم , وما من شكٍّ أنّ ذلك حماسٌ دينيٌ رفيع يشكرون عليه , ولكن هل نتنازل عن ردّ بعض الأطروحات والإشكال عليها في قبال الحفاظ على أطر دينية عامّة ؟
2- لدينا شاهدٌ تاريخيٌ قد يكون مؤيداً وداعياً للتغاضي عن بعض الأمور إذا كان في ذلك تحقيق مصلحةٍ عظمى , وهو ما حصل في صلح الحديبية عند كتابة الشروط بإملاءٍ من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , وكتابة أمير المؤمنين عليه السلام في حضور موفد المشركين سهيل بن عمرو :
فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال : فقال سهيل لا أعرف هذا ، ولكن اكتب باسمك اللهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اكتب باسمك اللهم " ، فكتبها ، ثم قال " اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو " ، قال: فقال سهيل لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو
فتردّد عليّ عليه السلام ، إذ صعب عليه محو كلمة «رسول الله» فقام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بمحو تلك الكلمة بنفسه
وهذا النص التاريخي أيضاً يستشهد به بعض أعلامنا الأعلام أيــّدهم الله على من أرادوا إحراج الشيعة بقولهم بأنـــّه لماذا لم يثر أمير المؤمنين عليه السلام بسيفه لأخذ حقه في الخلافة ما دامت تنصيباً من الباري تعالى فلم يكن من الحكمة أن يسكت عن حقه , بينما هذا السكوت كان فيه حفاظٌ على الإسلام والمسلمين .
أعتذر عن الإطالة , وأرجو أن تكون مداخلتي واضحة للجميع
تحياتي
المعذرة للأخ الفجر الجديد للتصرف في مشاركته , فقط المشاركة كانت غير واضحة فلزم تغيير نمط الخط الذي اخترتوه.
المحرر الإسلامي.