اللهم صلّ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الأحبة
( تيقظوا فلقد دُقّ ناقوسُ الخطر )
أحد مقالاتي
أتعجب كل العجب مما يجري على الساحة الإعلامية، وتأخذني الدهشة الصارخة عندما أرى كل الاهتمام والالتفات لما يبث خلالها من مشاهد تخدش الحياء وتجرح الشعور
فعوضا عن استثمار شهر الضيافة الربانية، شهر الرحمة الإلهية في الذكر والاستغفار نجد القوم يتسابقون لعرض سخافاتهم وتفاهاتهم دون أي تحرز أو مراعاة لشعور الصائم
أعدادٌ هائلة من القنوات الفاسدة تبث سمومها، وكمياتٌ كبيرة من البرامج، وبنفس القدر مسلسلات متواصلة والحسّابة تحسب _ كما يقولون _ حتى وكأني برمضانَ أصبح حلبةً يتصارع فيها الممثلون والمنتجون ليستعرضوا عضلاتهم وقدراتهم...
وكل هذا في جانب، وما يعرض داخل هذه المسلسلات في جانب آخر، فلا تكاد ترى مسلسلا يخلو من الأغاني الصاخبة، والمشاهد الفاضحة . . .
وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل ( طالت وشمخت ) _ كما نقول بالعامية _ فترى الممثلة الفلانية تتفنن في لبسها ما بين القصير المعري، والطويل المغري، فضلا عما تصرفه من " الكيلــــوات " _ إن صحّ التعبير _ على المكياج؛ لإظهار زينتها ومفاتنها، وكأنها قد تزينت وتأهبت لليلة زفافها
وكم أتعجب منها حينا! وأشفق عليها حينا آخر!
فكيف ارتضت لنفسها أن تكون سلعة رخيصة يتاجر بها المخرج الفلاني، أو المنتج العلاني، وقد كرمها الله حين قال: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ).
أتعلمون يا أحبتي مالمضحك والداعي للسخرية في ذلك كله؟!
إن ما يجعل الفرد منا يمسك بطنه ضاحكا استغرابا وسخريةَ . . . هو أنه يرى أن من يفعلون ذلك مسلمين، أو بالأحرى ( مستسلمين ) مدعين للإسلام، فهم كمن ارتدى ثوبا ليس له، وقد صدق أمير المؤمنين
حينما قال: ( يأتي على الناس زمان لا يعرف من الإسلام إلا اسمُه، ومن القرآن إلا رسمُه )...
وبين هذا وذاك يغرق الصائم في بحر متلاطم الأمواج من البرامج، وبدلا من أن يفتخر بعدد الأجزاء التي ختمها من كتاب الله تعالى تجده يفتخر بعدد المسلسلات التي شاهدها، فلا يخرج رمضان إلا وهو محمّلٌ بذنوب تنوء عن حملها العصبة من أولي القوة.
يا تُرى . . مالذي قلب الطاولة؟؟ ومالذي بدل الحال؟
وما هذه الفوضى العارمة التي هزت كيان الأمة حتى غدت لا تفرق بين الطيب والخبيث، ولا تميز النقي الصافي من النقيع النجس؟؟!!
واأسفاهُ على أمة قد تسمت بالإسلام والإسلام منها بريء براءةَ الذئب من دم يوسف . .
ثم واخجلتاهُ من قوم قد خجلت منهم عروبتهم فصار انتسابهم لها عارا . .
إن أولئك القوم في غفلة ما بعدها غفلة قد اشتروا الضلالة بالهدى وسيجزون ما صنعوا ولو بعد حين، وتكفيهم سكرة الموت حين يقال لهم: ( لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ )
وإن شملهم لن يظل على ما هو عليه فقد جمعهم شيطانهم على المعصية، وسيجمعهم الله به في الآخرة فيتبرأ منهم: ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ).
لسنا بعيدين كل البعد عما جرى بالأمس، فما أشبه الليلةَ بالبارحة، وكأني بهذا الحال قريب من وقفة الإمام الحسين عليه السلام في بوغاء كربلاء يوم العاشر من محرم حين قال: أما فيكم من مسلم؟! أما فيكم من نخوة ؟! ولكن لا حياة لمن تنادي....
قـُتل الحسين، وارتفع عرش يزيد وبات الحق مغمورا، والباطل مشهورا.
لست أقول إلا ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ).
كلامي هذا ليس موجها إليكم أيها الأحبة، فأنا أعلم بصفاء قلوبكم، وأعلم كذلك بأنها ( لو خُليت خُربت )، فاسمحوا لي على حدة قلمي وارتفاع صوته، لكنه لم يعتد أبدا على المجاملة.
والله وراء قصد السبيل.
. . . ممّا كتبه حبرُ قلمي . . .