عرض مشاركة واحدة
قديم 14-10-2002, 05:29 AM   رقم المشاركة : 6
ترانيم
مشرف سابق







افتراضي الشعر الشعبي ( 2 )

الشعر الشعبي ( 2 )

* اللغة العربية والشعر الشعبي : ـ

لقد شهد الشعر الشعبي مواجهة عنيفة من قبل الكثير من المثقفين سيما المهتمين بآداب اللغة العربية ، والذين قاوموا اللغة الدارجة التي يقولون : بأنها تسف في التعبير عن القصد ، وتقضي على الروح العربية الصحيحة أو بالأحرى على لغة العرب المقدسة التي نفتخر بها ما عشنا لأنها لغة القرآن الكريم .

إلا أن اللغة الدارجة أخذت تتطور بقوة ذلك الاستمرار المقيم لعدم إيجاد العوامل القوية التي تقضي على هذه الناحية قضاء مبرما بتوجيه أبناء البلاد نحو الثقافة العربية الأدبية . وأصبح ربح المليون مشترك بينهما ، فمن الممكن التعايش مع اللغتين العربية والدارجة بشكل تكاملي بحيث لا يطغى الاهتمام بالشعر الشعبي على مكانة اللغة العربية التليدة مطلقا فهي الرافد الأساس والمنبع الأصيل . بل هناك من شعراء الفصحى من أبدع في الشعر الفصيح والشعر الشعبي من أمثال : الشيخ الوائلي ، وقطبي الأحساء : جاسم الصحيح وناجي الحرز .

ولقد أصبح الأدب الشعبي بما سجله من وقائع وصور وخواطر وأحداث سجلا تاريخيا وسفرا اجتماعيا يوقف المطلع على كثير من المقاصد التي يحرص على الوصول إليها ، والوقوف عليها بشكل يطمئن إليه .

 معارضة للطلاسم : ـ
من أمعن النظر في المستوى الفكري الذي يحمله أعلام الشعر الفصيح والذي يعبر عنه الشعر والنثر ، يجد أن شعراء الأدب الشعبي أنفسهم قد سايروا ذلك المستوى وتأثروا به . أو بالأحرى كانت مواهبهم على استعداد للنمو والتطور جريا على القاعدة العلمية فظهر صدى ذلك في بعض ما نظموه من ملاحم وقصائد طوال في مواضيع لم يتوع منهم الخوض فيها والإجادة بالإعراب عنها في العامية . فكما انفعل الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي بالفكر الفلسفي فأبدع في قصيدته ( الطلاسم ) والتي جاء فيها : جئت لا أعلم من أين … ولكني أتيت …. وقد أبصرت أمامي طريقاً فمشيت …. وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت …. كيف جئت لست أدري …. قد سألنا البحر يوما ،،،،،
وقد تأثر بها شعراء الفصحى فانبرى بعضهم لمعارضتها بمختلف الأساليب . كذلك انفعل شعراء العامية فانبرى لمعارضتها في أدوار طويلة بعنوان ( الأفكار المطلسمة ) وقابل أدوارها الجدية ، بأدوار بين الجد والهزل .. ذلك هو الشاعر العراقي : حسين قسام النجفي وهذا نموذج منها : ـ
اصنت اوسمع كلامي

انكانك انته متدري


آنه أدري وغيري يدري

بين ما أمشي بطريقي

شفت شوف أعلى الجبال


عيون بيها بقدره الله
مايها مثل الزلال

عشب بيها وشجر بيها
وسارحه بيها الجمال

فوقها اوادم هوايه
من كثرها تبيع تشري

آنه أدري وغيري يدري

للبحر لمن سألته

آنا قلته أرد أقل لك


ما تقلي امنين انته
ومنهو قلي الي امصورك

امنين هذا السمك يلعب
يرقص ايعني اعلى ظهرك

أل صورك صورني قلي
ومن قدرته تاه فكري

آنه أدري وغيري يدري

لاشك أن القارئ بعد استيفائه لقراءة تلك القصيدة ، سيقف على مدى ما يتمتع به الشاعر الشعبي من خيال خصب وحس مرهف ، وخواطر قد لا يخلو أكثرها من جذور علمية فلسفية انتزعها من نفسه ومن مجتمعه العام دون اللجوء إلى أساتذة أخصائيين أو مراجع فلسفية فالحياة مدرسة أخرى تعلم الإنسان بالتجربة .
وهذا لا يعني أن ليس هناك متطفلين على الشعر الشعبي ككل فن من فنون الآداب المختلفة هناك الكتابات المتميزة وهناك الكتابات الغثة : (( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ )) (الرعد:17)

في الحلقة القادمة : شعر الموال .

 

 

 توقيع ترانيم :
الشعر الشعبي ( 2 )
ترانيم غير متصل   رد مع اقتباس