بسم الله الرحمن الرحيم
في نقاش سبق وأن دار بيني وبين ( أبي حسن ) حول الشعر الشعبي ، ذكرت فيه أن الشعر الشعبي أدب له قوانينه وأوزانه ومناهجه ردا على ما ذكره الأخ من أن الشعر الشعبي ليس له أوزان .
وقد طلب مني ( أبو حسن ) في رد آخر التعرض للشعر الشعبي ، وها أنذا أستجيب لدعوته .
ونظرا إلى أن الموضوع متشعب وطويل ، أحببت أن أجعله على هيئة دروس متفرقة كي لا يسأم الزائر الكريم .
المقدمة :ـ
لا شك ولا ريب أن الشعر الشعبي جاء عن طريق لغة الشعب ، ولذا كان مؤثرا في القلب ، ونافذا في السمع وملطفا لجو النفس . ومن درس الشعراء وتمعن في الجيد من شعرهم ، وقارن بينه وبين القطع الحية من شعر شعراء برزوا في عالم الأدب الشعبي عرف مدى ما تتأثر به نفسه ، وما يتحسس به قلبه ، وما يتعجب به عن طريق سمعه ، وعرف أن هذه الصور ينعدم ـ في بعض الأحيان ـ وجود مثلها في الشعر العربي الذي عرف بـ ( ديوان العرب ) .
والشاعر الشعبي هو الذي يستوحي الشعر من شعوره ، ويظهر لك كامن نبوغه فتقرأه من انتاجه ، والشعر تابع للقابلية الطبيعية التي أودعت في جسمه على حد ما قيل ـ إن صح ما قيل ـ العقل السليم في الجسم السليم ـ والشعور إشعاعة يوجهها العقل في أحيان معينة ليتجلى بها ويرتفع .
ولو لاحظنا جيدا لوجدنا أهم عامل حفظ استمرار الشعر الشعبي وانتشاره منذ الفترات المظلمة للاستعمار منذ ما يقرب على السبعة قرون حتى الآن هو كونه اللسان المعرب عن مشاكل الناس ، والمحفز لهم والعامل على دفعهم للمحافظة على خصائصهم الموروثة ، وكونه جاء على الأكثر معبرا بأوجز بيان عما يضطرب في خلد الناس من صور وأفكار قد لا يقوى الفصيح على أدائها بمثل ما قام به الشعر الشعبي من إيجاز ، والتدليل على ذلك قول بعضهم :
والضرس ليمنه رقل من جعلته لابد
هل لاحظت البساطة وتركيز المعنى وسهولة الحفظ هنا !!
ترقبوا في الحلقة القادمة :
ـ الشعر الشعبي والشعر العربي ، ومن سيربح المليون ؟
ـ معارضة الطلاسم بالشعر الشعبي .
ومودعين بالله ورسوله