عرض مشاركة واحدة
قديم 18-07-2008, 03:45 PM   رقم المشاركة : 35
أبو لؤلؤة الفيروزي
طرفاوي بدأ نشاطه
 
الصورة الرمزية أبو لؤلؤة الفيروزي
 






افتراضي رد: ((((عــلــمــاً ستبقى سيدي السيستاني-رغم الزعيق لزمرة الشنان))))

حيا الله جميع الأخوة
نبدأ بحول الله وقوته من هذه المشاركة بعرض الفصل الثاني من الكتاب القيم " الإمام السيستاني رؤية من الداخل " للكاتب عمار البغدادي
وفقنا الله واياكم للتعرف والتزود والأخذ من سير هؤلاء الأولياء ماينفعنا في مسيرنا فإن الله وكما ورد أخفى ثلاثة في ثلاثة ... حتى يقول " المضمون " وأولياءه في عباده ...الخ
...............


الفصل الثاني


التبــاســـات!!
رغم أن الرؤية السياسية التي قدمها الباحث الفرنسي جان لويزار فيها شيء من الإقناع والاعتدال بحكم المعايشة الشخصية له حيث قام بزيارة النجف ولقاء المرجع السيستاني وإجرائه حواراً مطولاً معه حول مختلف المسائل والقضايا العراقية ذات الوزن الثقيل لكن الرجل التقط بعض المفردات الفقهية الملتبسة وراح يسقطها على مرحلة المرجع السيستاني الراهنة وانتقل من الإسقاط إلى محاكمة تاريخ السيد وعلاقته بالانتفاضة الوطنية الآذارية التي انطلقت سنة 1991 في العراق وهزت كيان النظام البائد آنذاك.

لكن الرجل وهو يتحدث عن مبدأ (الاحتياط) عند الإمام راح يلبس (الحقيقة) الآذارية ثوباً آخر غير ثوبها عبر القول أن الانتفاضة كانت حركة جماهيرية شيعية فقط متناسياً أنها كانت حركة المظلومين العراقيين في كل مكان من أرض العراق ومتغافلاً عن المشاركة المليونية والحقيقية للمظلومين الأكراد العراقيين إذ بمجرد أن انطلقت الشرارة في الجنوب بعد أن تمكن جندي عراقي من تصويب قذيفة دبابته لصورة الدكتاتور في مدينة البصرة ـ ساحة سعد دوّت الانتفاضة الجماهيرية الكردية لتجتاح معاقل النظام في كل مدن وقرى شمال العراق وفي العودة إلى رأي لويزار يعتقد الأخير أن الإمام السيستاني ابتكر نمطاً جديداً في العلاقة بالفتوى الشرعية وفي العلاقة بالأمة خلافاً للفقهاء الذين كانوا يستخدمون (الاحتياط) أو ما يسميه لويزار بـ (الطمأنينة) سبيلاً للعلاقة بالناس بعد أن كان الفقهاء الشيعة يحجمون عن الإدلاء بآرائهم تاركين هذا الأَمْرَ للقيادة الدينية المنخرطة في العمل السياسي ـ والكلام للويزار ويردف أيضاً:

(إن السيستاني ابتكر بذلك نمطاً جديداً في إدارة العلاقة بين الطمأنينة والسياسة بخلاف كبار رجال الدين الطمأنينيين الذين كانوا يحجمون عن الإدلاء بآرائهم تاركين الأمر إلى القيادة الدينية المنخرطة في العمل السياسي وجسد السيستاني عبر هذا الأسلوب الالتباس الذي أبداه الشيعة العراقيون حيال الحرب على العراق، فعندما احتل الأمريكيون البلاد لم تصدر عن السيستاني فتوى مؤيدة لهم لكنه دعا دائماً وبانتظام إلى تسليم الأسلحة المسروقة وتخزينها في أماكن آمنة لإعادتها لاحقاً إلى السلطات المعنية عندما تتوافر مثل هذه السلطات وبانتظار توافر ذلك اعتبر السيستاني أن الأطراف الوحيدة التي يحق لها حمل السلاح هي القوى الأمنية الرسمية وهو أمر بعيد جداً عن المواجهة المسلحة للاحتلال الأجنبي ).

ما يمكن أن يقال أن الإمام السيستاني (دام ظله) وكأي فقيه يعاصر التحول في البلاد ـ أقصد بالتحول الخط السياسي والاجتماعي الوطني الذي تؤسسه خلفية ثورية ـ جهادية ـ جماهيرية في البلاد نتيجة سنوات طويلة من القهر والاستعباد والاستبداد والقمع الرسمي المنظم، إن الإمام يلحظ وهو يدير العملية السياسية مع بقية المكونات المسؤولة عن إجراء التحول المزاج العام في البلاد واستعداد الناس لإجراء التحوّل المطلوب في عملية التغيير أي أن الفتوى ليست قراراً فردياً للمرجع من دون الرجوع للمزاج العام وال استعداد النفسي والسياسي الجماهيري. بل إن الفتوى تمثل الانعكاس الطبيعي لاستعداد الناس. فإذا كان الناس مثلاً يعملون على التغيير بالطرق المسلحة وهناك اتجاه عام للتغيير بهذا الشكل فإن المرجعية الدينية كما حدث في الانتفاضة الشعبية سنة 1991 تميل إلى تنظيم العملية عبر وضع سقف مسؤول لها ونتذكر في هذا المجال أن مرجعية الإمام الخوئي (قدس) شكلت آنذاك لجنة من العلماء الأفاضل لحفظ النظام العام وإدارة شؤون العمل وتصريف الأمور الاجتماعية والاقتصادية في المدن والمحافظات العراقية وحمت الانتفاضة بشكل كبير ولم يصدر عنها فتوى مخالفة لسياق فعل الجماهير كأن تكون هناك فتوى ضد الانتفاضة.

وشخصياً أرى أن مرجعية الإمام الخوئي (قدس) وقفت إلى جانب الجماهير العراقية المظلومة المنتفضة وقد صدرت في حينها عشرات الفتاوى التي عنيت في جانب كبير منها بالبعد التنظيمي والإعداد الجيد للانتفاضة وبث روح الثقة بالناس ولمعرفة النظام الفاشي آنذاك بأن المرجعية الدينية وراء هذه الحماسة الكبيرة في نفوس الثوار وأن الإمام الخوئي يقف مع الثورة ويشكل المجالس والفعاليات العلمائية لقيادتها والعناية بالشأن الاجتماعي العام قام بمداهمة دار الإمام واعتقاله ولم يمر الإمام وهو محمول من قبل القوات المعتدية والإرهابية إلا على جثث (300) مقاتل عربي عراقي استبسلوا في الدفاع عن قيادتهم الدينية وقد نُقل الإمام بطائرة هيلكوبتر إلى بغداد حيث تم تصوير لقائه بالطاغية السجين صدام في التلفزيون في إشارة إلى أن الإمام ليس مع الثورة وأن ظهوره مع صدام يعني شرعية للحاكم اللاشرعي!


ما نريد أن نقوله هنا أن الإمام الخوئي وبعد ذلك السيد المرجع السيستاني لا وجود للاحتياط في عملهما إذا كان الاحتياط يعطل حركة التحول والتغيير في الأمة وهما حين يمارسان عملية الإفتاء فلأنهما يريدان تطبيق الشريعة الإسلامية وتنفيذ رغبات الناس في الحرية والكرامة والاستقلال الحقيقي ومن غير الممكن أن يعملا بالتقية مثلاً في جو سياسي لا علاقة له بالتقية كالذي حدث أيام الانتفاضة الآذارية سنة 1991 ولهذا فإن ما تعرضت له مرجعية الإمام الخوئي وتتعرض له أيضاً مرجعية الإمام السيستاني من اتهامات إنما يلتقي مع رغبة دوائر واتجاهات ومراكز دراسات معادية للمرجعية الدينية في النجف الأشرف باعتبارها مركزاً هاماً من مراكز الحضارة الإسلامية لإسقاط هذه المركزية من دائرة التأثير المفترضة وتذويب دورها الحضاري في الأمة سعياً لقيام حكم علماني ينفي الدين من إطار الحكم ويجه ز على ما قد تبقى لدى الأمة من قيم ومثل وركائز إسلامية هي عمود وجودها وعماده وتشكل القاعدة المثالية للمشروع الإسلامي المعاصر الذي يتحرك بقوة في مشاعر الناس وفي مشهدياتهم السياسية رغم كل مظاهر العنت والجبروت والقمع الذي مارسته وتمارسه القوى الإرهابية في العالم العربي والإسلامي ضد الحالة الإسلامية المعاصرة ومظاهرها المختلفة.

إن المرجع السيستاني فقيه عاش كل مخاضات الحالة السياسية في البلاد بحكم كونه أمضى أكثر من (65) عاماً في العراق وشهد تحولات ومتغيرات وتطورات عديدة وعاش في بعضها بالعمق بحكم أن النجف ومرجعياتها الدينية المتنورة وصاحبة المشروع التغييري لعبت في فترة من الفترات خصوصاً في مرحلة الثمانينات أكبر الأدوار وأكثرها فاعلية بعد انتصار ثورة الإمام الخميني (قدس) والتداعيات السياسية والعاطفية والفكرية التي أثارها شخصه كفقيه وأثارتها ثورته الإسلاميّة كأنجاز معاصر في أرجاء المعمورة وكان من الطبيعي أن تتحرك القوى المتنورة والثورية والمؤمنة بخيار إقامة الحكم الإسلامي والمرجعيات ذات النمط الثوري لتأخذ دورها في إطار هذا التحول الإنساني والعقائدي الكبير.

ومن هذا المنطلق لم يكن الإمام السيستاني فقيهاً في الهامش أو عالماً غير متأثر بالأجواء وغير قارئ لها ولتداعياتها السياسية والعقدية والأخلاقية والفكرية في العراق. لقد كان في العمق لكن الإمام كانت له رؤيته وتصوره ونهجه في التعامل مع المتغيرات. ولا أغالي إذا قلت بأن الإمام يواجه في الوقت الراهن تحديات ومسؤوليات وظروفاً سياسية وتكليفاً شرعياً ربما يفوق بكثير أجواء وتداعيات مرحلة الثمانينات رغم ما رافق تلك الأجواء من ملابسات وتعقيدات وخوف وحملات مسعورة وذبح بالجملة لعشرات الآلاف من طلبة العلوم الدينية وإعدام المفكر والمرجع الديني والمرشد الروحي للحركة الإسلامية في العراق آية الله العظمى الإمام السيد محمد باقر الصدر (قدس).

إن هذه الرؤية هي التي تحدد مسارات حركة السيد الإمام وهي المسؤولة عن منابع مواقفه السياسية ولا علاقة لفتاواه ومواقفه بالنهج الطمأنيني السابق الذي ميز سلوك بعض المرجعيات الدينية في النجف عن سياق وفعل ونهج المرجعيات المتنورة الداعية لخيار الثورة والتغيير كمرجعية الإمام الصدر الأول مثلاً..

من هنا أقول بأن (التنوير) فعل ميز جميع المرجعيات الدينية في النجف لكن تلك المرجعيات تفاوتت في النظر للمسائل السياسية والتدخل في وقائع التحول حسب رؤية هذا المرجع أو ذاك من المرجعيات الدينية وحسب الظروف والملابسات وشحنته وغَذتْهُ بعناصر القوة الثورية تارة والتباطئ والاختباء والعزلة والتواري عن المشهد السياسي تارة أخرى.


إن السيد الإمام لا يتصرف في الشؤون السياسية الحالية بل يعمل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً من أجل الوقوف مع أهداف الأمة، وإرشادها إلى كيفية التعاطي مع المسألة السياسية والحفاظ على وحدة البلاد وحماية السيادة بما فيها حماية الأرض ولحمة الفئات المكونة للمجتمع العراقي ويقف مع كل الشرائح من أقصى زاخو حتى أدنى الفاو. فالإمام يهمه المصلحة الإسلامية والوطنية العراقية وما يحقق للمسحوقين والمعدمين والمظلومين في العراق الاستقرار والأمن والتطور والنمو وما يجنب البلاد المزيد من دورات العنف والعنف المضاد.

إن عقلانية الإمام وواقعيته وحكمته الفقهية هي التي قادته لعدم إصدار أية فتوى مؤيدة لدخول القوات الأمريكية العراق رغم ما واجهه الشعب العراقي وما عاناه على يد أوباش السلطة السابقة. وأعتقد أن ما يتعرض له الإمام من أوباش وبقايا حزب السلطة من تشويه عبر بيانات ما يسمى حزب العودة من أن الإمام السيستاني مُمالئ للعدو الأمريكي بسبب عدم إصداره لفتوى الجهاد ضد العدوان الأمريكي إنما يلتقي ورغبة هذه الشراذم بتحويل العراق إلى ساحة مفتوحة للقتل والذبح بعد أن عاثوا في أرض العراق الفساد وأحرقوا الأخضر واليابس وأقاموا المشانق وساحات الإعدام للشعب العراقي عدا عن الحروب والدمار والخراب ومئات الآلاف من القتلى والمقابر الجماعية.

أقول أن هذه الواقعية التي يتميز بها الإمام لا تعني الرضا بواقع وجود القوات الأمريكية المحتلة، بدليل عدم صدور فتوى بالرضا عن دخول العراق وأن إحجام الإمام عن ذلك مرده الموقف من العملية العسكرية برمتها. إن عدم صدور فتوى من الإمام في ذلك الوقت يعود إلى تقديره للموقف العسكري والسياسي العام في البلاد وعدم ميله كفقيه مسؤول عن أرواح الناس بإراقة المزيد من الدم العراقي الذي كان يهرق بغزارة ورخص أمام أنظار العرب والمسلمين ودول العالم وإحجام الإمام على عدم التدخل يعود إلى أن العملية أصبحت بحكم الأمر الواقع الذي يستتبع إعداد خطة لإدارة معركة الحرية بأساليب عقلانية لا تريق دم العراقي ولا تهدر كرامته وتبقيه في دائرة التوجهات الوطنية التي لا يتنازل فيها وعلى ضوئها عن حقوقه في إدارة شؤون بلاده وتضعه في قلب عملية استحصال المطالب السياسية والاجتماعية الوطنية وفي مقدمتها استحصال حق استعادة السيادة والسلطة في آن معاً ونهاية مرحلة الاحتلال وهذا ما فعله الإمام في بداية دخول القوات الأمريكية وما يقوم به الآن بوصفه رائد الحركة الوطنية الاستقلالية وحين نقول بان الإمام هو رائد الحركة الاستقلالية فلأنه في الحقيقة الشخصية القيادية المرجعية الوحيدة التي تتوجه إليها أنظار الجمهور المليوني في العراق والمرجع الوحيد القادر وبكلمة منه على قلب الوضع الشيعي العراقي رأساً على عقب!! كما يقول لويزار..

إن الإمام يميل سياسياً وفقهياً إلى شفافية وطنية قادرة بوجود كتلة قيادية مؤمنة بالناس على إحداث التحول المطلوب وإنجاز آفاق عملية نقل السلطة بأسرع وقت وبأقل الخسائر البشرية والسياسية والأضرار النفسية ولا يميل إلى الصخب وإثارة الأجواء واستخدام العنف وتصدي الفعاليات الفوضوية فذلك يعكس وجه البلاد. فإذا كان أخيار الأمة وفضلائها وقواها السياسية الحميدة في الواجهة كان خيار الاستقلال وتسليم السلطة بشكل حقيقي أقرب إلى الواقع والعكس صحيح!!.


وما أريد أن أقوله هنا أن الإمام السيستاني وبقية المرجعيات الدينية التي تعاملت مع ظروف وملابسات وقضايا الحرية والاستقلال وضغط الأنظمة ومحاربتها للشعب العراقي يتحرك على ضوء قراءة واقعية للساحة ولا يصدر الفتوى إلا بموجب متطلبات واستحقاقات يفرضها الواقع ويلحظها بعناية الفقيه المتصدي ولن تكون الفتوى في حقيقة الأمر غاية بحد ذاتها أو صادرة عن وحي شخصي أو مزاج فقهي غير معني بالوقائع.

 

 

 توقيع أبو لؤلؤة الفيروزي :
المرجع الأعلى والإمام المفدى




أبو لؤلؤة الفيروزي غير متصل   رد مع اقتباس