عرض مشاركة واحدة
قديم 28-08-2003, 11:50 AM   رقم المشاركة : 3
الهدهد
طرفاوي نشيط
 
الصورة الرمزية الهدهد
 





افتراضي

<span style='color:darkblue'>

-VI-

وما قيمة هذه الفتاوى السياسية إذا كان الأزهر أداة طيعة بيد الديكتاتوريين من الحكام العسكريين وغير العسكريين؟

فالأزهر هو الذي التزم الصمت تجاه كل ما فعله عبد الناصر في الإخوان المسلمين وغيرهم من السياسيين المعارضين له من قتل، وتنكيل، وسجن، وطرد من مصر. وهو الذي التزم الصمت حيال جرائم صدام حسين في العراق والمقابر الجماعية ومجازر حلبجة وغيرها، ولم يصدر فتوى واحدة بتجريم المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم الفظيعة. وكيف لشيوخ الأزهر أن يفعلوا ذلك وهم الذين ملأ صدام قفاطينهم وعمائمهم بالذهب؟



-VII-

وماذا تساوي فتاوى الأزهر السياسية، وقد كان الأزهر في تاريخه الطويل ضد الحرية الفكرية، وضد الفكر الجديد، وضد الحداثة، وضد التنوير، وضد الديمقراطية، ومع الحكام المسلمين المستبدين؟

فالأزهر هو أول من اخترع مقولة (المستبد العادل) من الحكام المسلمين، وطالب "الرعية" بأن لا تخرج على الحاكم الظالم.

وكان شيوخ الأزهر يرددون صباحاً ومساءً أقوال "السلف الصالح" في اطاعة الحاكم الديكتاتور الطاغية حتى ولو سرق المال وجلد الظهر.

فهم يرددون دائماً على مسامع الشعب والحاكم المُفتري الحديث النبوي القائل:

"اسمع لحاكمك وأطعه، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك".

وكذلك الحديث النبوي الذي يُروى عن الحسن البصري:

"لا تعصوا أولي الأمر منكم، فإن عدلوا فلهم الأجر وعليكم الشكر. وإن بغوا فعليهم الوزر وعليكم الصبر. فهو امتحان من الله يبتلي به من يشاء من عباده. فعليكم أن تتقبلوا امتحان الله بالصبر والأناة، لا بالثورة والغيظ".

وكذلك الحديث النبوي الذي رواه أحمد بن حنبل عن رواية عبدوس العطاري:

"من غلب على المسلمين بالسيف حتى صار خليفة وسُمّي أمير المؤمنين، فلا يحلّ لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً باراً كان أم فاجراً".

وهذه كلها أحاديث موضوعة غير صحيحة، تمَّ وضعها في العصر الأموي لتثبيت الخلافة الأموية المغتصبة للسلطة تحت مظلة الدين. ولكن شيوخ الأزهر ما زالوا يرددونها حتى الآن، وعلى مسمع من الحكام الظالمين والشعوب الجاهلة.



-VIII-

والأزهر هو الذي حارب ومحا كل آثار حملة نابليون الحضاريـة على مصر في (1798-1801). فشيوخ الأزهر هم الذين كسّروا البرج الذي اقامه نابليون لاستطلاع الفلك ودراسته، واعتبروه رجساً من عمل الشيطان. وهم الذين كسّروا المختبرات الكيميائية التي بناها نابليون، كما أجهزوا على كل علم ومعرفة جاء بها نابليون من بلاد عصر التنوير في ذلك الوقت، بفعل العصاب الديني والنرجسية الدينية المستحكمة في شيوخ الأزهر.



-IX-

وما قيمة هذه الفتاوى السياسية، والأزهر هو الذي حارب الحداثة، وفكر التنوير المصري، والمفكرين التنويريين المصريين كمحمد عبده، وجمال الأفغاني، ولطفي السيد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، وعلي عبد الرازق، ولويس عوض، وخالد محمد خالد، وغيرهم؟ وهو الذي كان وراء الدعوة إلى قتل طه حسين عندما أصدر كتابه (في الشعر الجاهلي) وهو الذي صادر الكتاب، وسيّر المظاهرات الصاخبة ضده، وطرده من الجامعة، وألّب عليه حزب الوفد، وأمر بحرقه، وحرق كل من يروّج له.

والأزهر قبل ذلك هو الذي وقف ضد قاسم أمين في دعوته إلى تحرير المرأة واعتبر قاسم أمين خارجياً، وندد به وبكتبه وبدعوته إلى تحرير المرأة، وخلع الحجاب.

والأزهر هو الذي أقام الدنيا وأقعدها على الشيخ والمصلح الديني والسياسي خالد محمد في العام 1950 عندما صدر كتابه المدوي (من هنا نبدأ) والذي نادى فيه بفصل الدين عن الدولة، واعطاء المرأة (الرئة المعطلة) حقوقها السياسية والاجتماعية والتعليمية كاملة، ومحاربة الكهنوتية الدينية.

والأزهر هو الذي ساند ودعم فتوى تطليق زوجة نصر أبو زيد من زوجها، واصدار الحسبة ضده، مما اضطر أبو زيد إلى الهروب من مصر.

والأزهر هو الذي يثير الفتن الثقافية ضد الكتاب والمثقفين العرب باصداره الفتاوى من حين لآخر ضد هذا الكاتب أو هذا الكتاب، ويمنع تداول الكتب، ويقوم بغزوات بوليسية على مكتبات الجامعات، ويصادر منها ما طاب له من الكتب، دون حسيب أو رقيب.



-X-

وأخيراً، فليس من المعقول أن يغرق الأزهر في السياسة، ويبقى بعيداً في الوقت نفسه عن أوحالها وسهامها. سيما وأن الأزهر لا يغرق إلا في هذه الأوحال، والتي لا دافع دينياً لها، ولكن دافعها هو دافع سياسي، إما أن يكون داخلياً أو خارجياً!
</span>

Shakerfa@worldnet.att.net
إيلاف خاص

 

 

 توقيع الهدهد :

سيبقى الرأيُ الآخرُ المُقصَى
والفكرُ المختلفُ المضايقُ
ملوّحاً لمن سيأتي مادام هناك مساحةٌ من الصوتِ أو حتى الصمتِ .

الهدهد غير متصل   رد مع اقتباس