السلام عليكم /
الناس في طريقة تفكيرهم مذاهب ومشارب , ويحكم توجهاتهم في الدرجة الأولى الالتزام الديــني
الذي يستلهمــه الإنسان المسلم من دستور الحياة الخالد القرآن الكريم ( يا أيها الذين آمنوا
اجتنبوا كثيرا من الظن إنّ بعض الظن إثم ) وقد ورد في تفسير هذه الآية في الميزان للسيد
الطباطبائي ما نصه :
و المراد بالاجتناب عن الظن الاجتناب عن ترتيب الأثر عليه كأن يظن بأخيه المؤمن سوءاً فيرميه به و يذكره لغيره و يرتب عليه سائر آثاره، و أما نفس الظن بما هو نوع من الإدراك النفساني فهو أمر يفاجىء النفس لا عن اختيار فلا يتعلق به النهي اللهم إلا إذا كان بعض مقدماته اختياريا.
و على هذا فكون بعض الظن إثما من حيث كون ما يترتب عليه من الأثر إثما كإهانة المظنون به و قذفه و غير ذلك من الآثار السيئة المحرمة، و المراد بكثير من الظن - و قد جيء به نكرة ليدل على كثرته في نفسه لا بالقياس إلى سائر أفراد الظن - هو بعض الظن الذي هو إثم فهو كثير في نفسه و بعض من مطلق الظن، و لو أريد بكثير من الظن أعم من ذلك كأن يراد ما يعلم أن فيه إثما و ما لا يعلم منه ذلك كان الأمر بالاجتناب عنه أمرا احتياطيا توقياً من الوقوع في الإثم. انتهى
والنقطة الأخرى هي النظرة السوداوية التي يحملها بعض الظآنين ظن السوء تبعا ً لخلفياتهم
الثقافية التي تحدد نظرتهم للحياة ومن فيها من البـــشر , فهم متسرّعون في أحكامهم , وقد
ينطبق عليهم المثل الشعــبي ( كل ٍ يرى الناس بعين طبعه )
قد يتصرف الإنسان أحيانا ً بعفويــة ٍ لإصلاح ٍ بمعروف , أو رد إساءة , أو دفع ظلم ٍ , وإحقاق حق ٍ ,
ولكن ّ مرضى القلب قد يسيئون الظن به , قد يكون منطلق أحدهم في ذلك أن ْ ليس من أحد ٍ
يصنع معروفا ً إلا ّ لمصلحة ٍ مثلا ً , والأدهى والأمـر ّ على القلب كما ذكرتي أختي الكريمة عندما تمتد يدك إلى أحدهم لتقدّم له
المساعدة فيردك ظنـّا ً منه في موقفك هذا بأنـّك تجري وراء غنيمة هنا أو هناك , فإساءة الظنّ
تترك في النفس إحساسا ً بالألم ومرارة الظلم , فتؤدي ببعضهم أحيانا ً إلى تغيير نظرته للناس ,
وقد تنتقل له نفس تلك النظرة السوداوية التي يحملها الآخرون , أو على الأقل يتخلى عن بعض
قيمه ومبادئه لكي لا يـُساء الظن به .
غير أنّ هناك من يترك مجالا ً للآخرين ليسئوا الظن به , فليراع ِ هذا الإنسان هذا الجانب ولايترك
للنفوس المريضة أن تتقول عليه أو أن تسيىء الظن به , رغم أنّ هذا المنهج الأخلاقي
( عدم إساءة الظن ) قد تفرّد به ديننا الحنيف بالدعوة إلى الخلق الكريم , ولكن البعد عن الدين أحيانا ً ينسف القيم في نفس المسلم فترتكب جرما ً أخلاقيا كسوء الظن .
أشكرك ( دلوعة الطرف ) على هذه الإطلالة المتميزة والطرح الهادف , وأتمنى أنـّني قد أضفت ُ إضافة ً تنال القبول .
تحياتي