عرض مشاركة واحدة
قديم 29-07-2003, 07:40 AM   رقم المشاركة : 10
أبوحسن
طرفاوي نشيط جداً






افتراضي

ــ ( النقطة الرابعة ) : مناقشة الأقوال السابقة من حيث السند والدلالة :

ـ الرواية الأولى : قوله ( عليه السلام ) : ( معاشر النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ .... الخ ) .


أولاً : ( من الناحية السندية ) :

هذه الرواية وردت عن طريقين رواية الشريف الرضي في نهج البلاغة وهي مرسلة ، ورواية في كتاب الكافي للكليني وهي رواية ضعيفة ، وكلا الروايتين لا حجية فيهما للسبب ذاته ـ رواية ضعيفة وأيضاً على ذلك مرسلة ـ .


ثانياً : ( من الناحية الدلالية ) :

فنقول : أن هذا الكلام نسب إلى الإمام علي ( عليه السلام ) على فرض صدوره بعد حرب الجمل ، وقد كانت السيدة عائشة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) منشأ التأثير على عامة الناس ، لكونها من جهة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومن جهة أخرى بنت الخليفة الأول أبي بكر .

وأراد الإمام علي ( عليه السلام ) أن يبين أن السيدة عائشة وإن كانت أم المؤمنين إلا أنها لا تختلف عن سائر الناس بملكات تخولها قيادة الناس على هذا النحو الذي اتبعته وأدى إلى كارثة الحرب والتي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء .

وهذا الأسلوب من الإمام علي ( عليه السلام ) من مزايا كلامه ، إذ أنه بخطبته هذه تجنب الكلام المباشر والذي يستعمله غيره في النيل منه ، فاستخدم أسلوب الذي ذكر فيه بعض الأحكام الشرعية الخاصة للمرأة ، بالرغم أن تلك الصفات لا تورد نقص في الأهلية ، وإنما في الخصوصيات الإنسانية التي قد يتساوى فيها الرجل والمرأة .


هذا من ناحية ..

أما قوله ( عليه السلام ) : ( أما فلانة فأدركها رأي النساء ... ) فإشارة إلى أن السيدة عائشة ، وقوله : ( كونوا على خيارهن على حذر ) فإشارة إلى أن هذه السيدة وإن كانت خيرة في نظركم فبقوا على حذر في إتباع مثل هذه الأمور ، وجميع ما وردت إن صح ورودها عنه ( عليه السلام ) فوقت قولها تخصيص لها لا أن تورد على إطلاق منها ، وكأنما الإمام ( عليه السلام ) قصد بها كل امرأة على وجه الأرض .


ـ الرواية الثانية : قوله ( عليه السلام ) : ( فإذا كانت الهزيمة ...... ـ إلى ان يقول ـ : فإنهن ضعيفات القوى والأنفس والعقول ... الخ ) .

أولاً : ( من الناحية السندية للرواية ) :

الرواية في بعض طرقها مرسلة ، وفي بعض طرقها الأخرى ضعيفة ، فهي مرسلة وضعيفة كما هي سابقتها ، فلا حجية لها .


ثانياً : ( من الناحية الدلالية للرواية ) :

على فرض صدورها فإن الرواية واردة في النهي عن الاعتداء على النساء بالضرب والإيذاء الجسدي في حالة الحرب ، والتي تهييج فيها العواطف والمشاعر ، ويغلب تأثير مشاهدها ومآسيها على النساء ، فيعبرن عن انفعالهن وغضبهن بتعابير عاطفية قوية من جهة استعدادهن النفسي للتأثير السريع .

وليس هذا مقتصر على النساء فقط ، فإن الرجل لو كان مكانهن ورأى أن هؤلاء القوم قد قتلوا أعز الناس إليه وهو لا يستطيع مقاومتهم فلا أقل أن يشتمهم ويبين مدى تأثره بقتله لأقربائه وأبناء عشيرته .

والإمام ( عليه السلام ) يحاول أن يثير هذه القضية بأن يترك الرجل العسكري بجيش الإمام ( عليه السلام ) تلك المرأة التي تسبه وتشتمه لأنها إن نفعلت ذلك فلأنها لا تستطيع مقاومته بعكس الرجال الذين يمكنهم أن يحملوا السيف ويدافعوا عن أنفسهم .


إذن .. لابد أن نفهم الرواية على هذا ، ولا يمكن الالتزام بإطلاقها بل لابد من تقييدها ، هذا على تقدير صدورها ، وإلا فإن الرواية ضعيفة مرسلة ولم يثبت صدورها عن الإمام ( عليه السلام ) تحقيقاً .

ـ الرواية الثالثة : قوله ( عليه السلام ) : ( .... وإياك ومشاورة النساء ، فإن رأيهن إلى أفن ، وعزمهن إلى وهن ..... الخ ) .

أولاً : ( من الناحية السندية ) :

وهي كسابقاتها مرسلة ضعيفة ولم يثبت صدروها عنه ( عليه السلام ) ولا حجية لها .


ثانياً : ( من الناحية الدلالية ) :

فهذه الرواية تدل على عدم إيكال الإنسان أمره وأمر أسرته في حياته الخاصة إلى إدارة النساء ، واللاتي ليس لهن خبرة ولا كفاءة عقلية أو عملية .

وبالطبع فإن نقص العقل الوارد في أكثر من رواية ما هو إلا أن الجانب العاطفي في المرأة أكثر ما هو عند الرجل ، والعكس بمعنى أن الجانب التعقلي عن الرجل أكثر ما هو عن المرأة ، وهذا لا ينفي تعقلها بمعنى الإدراك السليم للأشياء وحسن التقدير وتدبير الأمور .

ولكي لا نطيل في الروايات القصار الواردة عن الإمام ( عليه السلام ) ، والتي ذكرنا أن جميعها ضعيفة من الناحية السندية للرواية ولا يمكن قبولها بنحو من الأنحاء إلا اللهم إن قبلناها شكلاً فأيضاً لها تأويل من الناحية الدلالية .


ـ ( الخلاصة ) :

1- نتبين مما ذكرنا سابقاً أن جميع تلك المرويات الواردة في نهج البلاغة أو في كتب الحديث على اختلافها ضعيفة سنداً ومرسلة في بعضها ، مما لا يعول عليها وتعتبر في مصاف الأحاديث الباطلة .

2- إذا تقاضينا عن الناحية السندية للمرويات فإنها قابلة للتأويل .

3- إذا أردنا أن نعطي المعالم الواضحة لرؤية الإمام ( عليه السلام ) للمرأة فلابد أن نستقصي جميع ما يذكر عن الإمام ( عليه السلام ) بشأن المرأة لكي نخرج بالمفهوم الصحيح لرؤيته ، لا أن نقتصر على بعض المرويات دون التحقق من صحة ورودها عنه ( عليه السلام ) .

وهذا ما سوف نتناوله في موضوع جديد بعنوان ( الرؤية المتكاملة لنظرة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للمرأة ) ..

أتمنى أن أوفق للكتابة في هذا الموضوع وأخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .


أبوحسن
3/4/1420هـ .

 

 

أبوحسن غير متصل   رد مع اقتباس