الدعاء، فهو مخ العبادة، ولذا ورد في فضله ما ورد من الآيات والأخبار، ولا حاجة إلى ذكرها لاشتهارها. والأدعية المأثورة كثيرة ولا يتصور مطلب من مطالب الدنيا والآخرة إلا وقد وردت به أدعية، .
ومما ينبغي لكل داع، أن يراعي شرائط وآداباً في الدعاء، حتى يستجاب له، ويصل إلى فائدته، وتحصل لنفسه نورانية، وهي أن يترصد لدعاءه الأوقات الشريفة، والأحوال الشريفة، والاماكن المتبركة المشرفة، وان يدعو متطهراً، مستقبل القبلة، رافعاً يديه بحيث يرى باطن ابطيه، وان يخفض صوته بين الجهر والاخفات، ولا يتكلف السجع في الدعاء، ويكون في غاية التضرع والخشوع والرهبة، وأن يجزم يتيقن اجابة دعائه، ويصدق رجاءه فيه، وان يلح في الدعاء، ويكرره ثلاثاً، ويفتح الدعاء بذكر الله وتمجيده، ولا يبتدئ بالسؤال، وأن يتوب، ويرد مظالم العباد، ويقبل على الله بكنه الهمة، وهو السبب القريب للاجابة، وان يكون مطعمه وملبسه من الحلال، وهو أيضاً من عمدة الشرائط، وأن يسمى حاجته، ويعم في الدعاء، ويبكي عنده، وهو أيضاً سيد الآداب، وان يتقدم في الدعاء قبل الحاجة إليه، وألا يعتمد في حوائجه على غير الله تعالى، قال الصادق (ع): " احفظ ادب الدعاء، وانظر من تدعو، وكيف تدعو، ولماذا تدعو، وحقق عظمة الله وكبرياءه، وعاين بقلبك علمه بما في ضميرك، واطلاعه على سرك وما تكن فيه من الحق والباطل، واعرف طريق نجاتك وهلاكك، كيلا تدعو الله بشيء عسى فيه هلاكك وانت تظن أن فيه نجاتك، قال الله تعالى:
" ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولاً "
وتفكر ماذا تسأل، ولماذا تسأل. والدعاء استجابة الكل منك الحق، وتذويب المهجة في مشاهدة الرب، وترك الاختيار جميعاً، وتسليم الأمور كلها ـ ظاهرها وباطنها ـ إلى الله تعالى، فان لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الاجابة، فانه يعلم السر واخفى، فلعلك تدعوه بشيء قد علم من سرك خلاف ذلك. واعلم انه لو لم يكن الله امرنا بالدعاء، لكنا إذا اخلصنا الدعاء تفضل علينا بالاجابة، فكيف وقد ضمن ذلك لمن اتى بشرائط الدعاء، وسئل رسول الله (ص) عن اسم الله الاعظم، فقال: (كل اسم من اسماء الله اعظم). ففرغ قلبك عن كل ما سواه، وادعه بأي اسم شئت، فليس في الحقيقة لله اسم دون، بل هو الله الواحد القهار. وقال النبي (ص) (إن الله لا يستجيب دعاء من قلب لاه). فإذا اتيت بما ذكرت لك من شرائط الدعاء واخلصت سرك لوجهه، فابشر باحدى ثلاث: إما ان يعجل لك بما سألت، وإما ان يدخر لك بما هو افضل منه، وإما ان يصرف عنك من البلاء ما لو أرسله عليك لهلكت "وسئل من الصادق (ع): ما لنا ندعوا ولا يستجيب لنا؟ فقال: " لانكم تدعون من لا تعرفونه، وتسألون من لا تفهمونه، فالاضطرار عين الدين، وكثرة الدعاء مع العمى عن الله من علامة الخذلان، لان من لم يعرف ذلة نفسه وقلبه وسره تحت قدرة الله، حكم على الله بالسؤال، وظن ان سؤاله دعاء، والحكم على الله من الجرأة على الله تعالى ".
وسام تميز نشكر ك على نقل هذا الموضوع والذي بترت به الصلاة على محمد وال محمد