السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
(1)
نظراً لما يتصف به عصرنا الحالي بمواصفات كثيرة من نواح شتى كالعلم والحضارة والتقنية المتقدمة ... الخ، فإننا في ظل هذا العصر وهذه المواصفات حريٌ بنا أن نكون تلك الأمة التي تعي ما يجري حولها من قضايا كثيرة ومتشعبة، فلو دققنا النظر في عصور الأئمة عليهم السلام وشيعتهم وكيفية تعاملهم مع الأجواء المحيطة بهم، فإننا نرى أن تصرفاتهم مليئة بالحكمة والتروّي مع القضايا الواقعة والطارئة، وإن أبسط سببٍ لذلك التعامل هو: إيمان الشيعة بوجود المعصوم وتفهم دوره الديني والإنساني والاجتماعي والسياسي وكل ما من له شأن بهذه القضية أو تلك.
وبما أن الفترة كبيرة بين بداية الغيبة الكبرى ووقتنا الراهن، فإن ذلك قد يسبب لدى بعض الناس جفوة في التعامل مع صاحب العصر والزمان، وهذه الجفوة قد تؤدي إلى نتائج سلبية كثيرة منها: (البرود والتكاسل في تفعيل الأدوار المفترض أن نقوم بها، تسليم كثير من قضايانا المختلفة بيد من ليس لديهم خبرة في التعامل مع هذه القضايا، التهاون في البحث عن مخرج للقضايا المبتلون بها ... الخ). بينما من المفترض أن نكون واعين بدرجة عالية من الفهم والإدراك تجاه كل قضية واقعة وطارئة، وأن نركز فهمنا حول ماهيّة الحركة والعمل في عصر الغيبة الكبرى، حيث أن تاريخ الأئمة عليهم السلام ملئٌ بالقضايا والصراعات والفتن التي حصلت لهم، وهي بلا شك ستحصل لنا كما حصلت لهم ولكن بصورة أخرى.
ولذا هناك الكثير من الناس وردت إلى مسامعهم كيفية خروج الإمام الحجة عليه السلام، وأنه يخرج فارساً شاهراً سيفه يقتل الظلمة ويعمل في تصفية أهل الفساد ...الخ، وهذا بصورة عامة صحيح، ولكن!! يجب أن نعرف وندرك أن الإمام عليه السلام له أدوار كثيرة قبل الشروع في الحركة المسلحة وشيعته معاونوه - وهم موصوفون بصفات كثيرة كالإيمان به، وفهم الإنتظار - إضافة إلى ذلك أنه لن يأتي بدينٍ جديد كما يتصوره البعض!! بل سيأتي عليه السلام بمنهج آبائه عليهم السلام، الذي قد همّشنا معظمه عن حياتنا العلمية والعملية، والمنهج هو: المحافظة على ما تبقى من ثوابت الإسلام التي نأمل أن يكون لنا دورٌ في الحفاظ عليها، إضافة إلى ذلك فإنه قبل كل شئ موكولٌ بإلقاء الحجة على من أنكرها، وتبيين المسائل التي لها علاقة بالأطر الإسلامية العامة والخاصة، وغيرها من الأدوار المنوطة به.
وأريد أن أؤكد أنه كآبائه عليهم السلام منهجهم موحّد إلا أن الدور يختلف لاختلاف الزمان والمكان، وهذا دلالة على مرونة منهجهم المستقى من القرآن الكريم، فهو: رساليٌّ كجده محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبطلٌ كأمير المؤمنين، ومصلح كالحسن، وثائر كالحسين، وعابدٌ كالسجاد، وعالمٌ كالباقر، ومجددٌ كالصادق، وصابرٌ كالكاظم ... الخ، وبما أنه يحمل صفات آبائه السابقة وغيرها، فحريٌّ بالمنتظرين من شيعته أن يكونوا على وعي كبير لهضم هذه الأدوار وقراءتها قراءة واعية، ليتسنى لهم تطبيق ما يحتمله الواقع، وليعيشوا في ظل دولته الحالية عيشاً رغيداً مليئاً بالعلم والعمل، وأن يسعوا لجعل أعمالهم تحمل التفكير العميق والتخطيط الرساليّ حتى يكونوا من الممهدين للدولة العالمية المرتقبة التي تحمل كل مواصفات العدل.
بانتظار الآراء حول النقطة الأولى .. يتبع
وتقبلوا تحيات (زكي مبارك)...