الجزء الاول >>> كتاب العلم >>> باب آداب طلب العلم وأحكامه:
النص: قال علي (ع) في وصيته للحسن (ع) : إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شيء قبلته ، فبادرتُك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبّك .... إلى قوله (ع) :
واعلم يا بنيّ !.. أنّ أحبّ ما أنت آخذٌ به من وصيتي تقوى الله ، والاقتصار على ما افترضه الله عليك ، والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك ، والصالحون من أهل بيتك ، فإنهم لم يَدَعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظرٌ ، وفكّروا كما أنت مفكّرٌ ، ثم ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا ، والإمساك عمّا لم يكلّفوا .
فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهّم وتعلّم ، لا بتورّط الشبهات وعلوّ الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة عليه بإلهك ، والرغبة إليه في توفيقك ، وترك كل شائبة أولجتك في شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة ، فإذا أيقنت أن صفا قلبك فخشع ، وتمّ رأيك واجتمع ، وكان همك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسّرت لك ، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من نفسك ، وفراغ نظرك وفكرك ، فاعلم أنك إنما تخبط العشواء أو تتورط الظلماء ، وليس طالب الدين من خبط ولا خلط ، والإمساك عن ذلك أمثل .
إلى قوله (ع) : فإن أشكل عليك شيءٌ من ذلك ، فاحمله على جهالتك به فإنك أول ما خُلقت خُلقت جاهلا ثم عُلّمت ، وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلّ فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك ، فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسوّاك ، وليكن له تعبّدك ، وإليه رغبتك ، ومنه شفقتك .. إلى قوله (ع) : فإذا أنت هُديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك . ص224
المصدر: النهج 3/40