عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2007, 09:57 AM   رقم المشاركة : 4
الهدهد
طرفاوي نشيط
 
الصورة الرمزية الهدهد
 





افتراضي رد: الشك واليقين عند الإمام الصادق (عليه السلام)


<4>

ومنذ مطلع القرن الثامن عشر الميلادي، وعلماء الفيزياء والفلك عاكفون على اكتشاف كل مجهول من أمر هذا الكون، وقد برز في طليعة العلماء والباحثين في هذه الفترة (كوبرنيكوس) و(كبلر) و(غاليلو) و(نيوتن). وباتساع نطاق الحركة العلمية وأبحاث هؤلاء العلماء، أدرك الجميع أن الكون أكبر بكثير مما يتوهمه القدماء في القرون السابقة.
وفي القرن التاسع عشر، اكتشفت مجرات أخرى خارجة عن نطاق المنظومات والكتل الضوئية في عالمنا هذا، وتبين أن كلا من هذه المجرات يحتوي على منظومات شمسية أخرى. ورصد العلماء حركات الشهب والنجوم، واعترفوا بأن العالم يخضع لنظام علمي دقيق لا تتأثر حركته بانفجار يقع في شمس، أو شهاب يسقط من أطراف هذا الكون العظيم، أي أن حدوث انفجار أو تلاش في بعض الشموس إنما يخضع بدوره لقوانين الكون الثابتة، ولا يؤدي بالتالي إلى إحداث اضطراب أو خلل في حركة المنظومات الكونية الأخرى.
واعتباراً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وإلى النصف الأول من القرن العشرين، أفضت البحوث العلمية المتصلة إلى اهتداء الإنسان إلى العالم الأصغر وهو عالم الذرة فعرف إن هناك قوانين أخرى ثابتة تخضع لها الذرة، وهي قوانين لا تتعطل ولا تتوقف ولو للحظة واحدة، ففي الذرة نواة، ولها إلكترون يدور حول فلكها ثلاثة كاتربليون مرة كل ثانية(3)، ولا يحول حادث أو طارئ دون استمرار هذه الحركة.
ففي ذرة الحديد مثلا، يدور الإلكترون ثلاثة كاتربليون مرة في كل ثانية حول نواتها المركزية، وإذا وضع الحديد في بوتقة حامية لصهره، لم تتوقف حركة الإلكترون في الدوران حول نواة الذرة حتى ولو ارتفعت درجة الحرارة إلى درجة يتحول معها الحديد إلى غاز سائل. والسبيل الوحيد للحيلولة دون دوران الإلكترون حول نواة الذرة هو السعي لتفجير نواة الذرة وطرد الإلكترون منها، فيبحث عن نواة مركزية أخرى يدور في فلكها.
والقانون الذي ينظم دوران الإلكترون حول الذرة هو نفس القانون الذي يجعل الأرض تدور حول الشمس، حول المجموعة التي تعرف علميا باسم (الجاثي على ركبتيه)(4)، والتي تدور بدورها حول المجرة، وتدور المجرة حول مركز آخر غبر معروف لنا، ولكن حركتها مؤكدة، وإن كان عمر الشمس كله لا يكفي لحساب حركة هذه الأجرام والمدة التي تستغرقها مجموعة (الجاثي على ركبتيه) في الدوران حول المجرة.
وفي هذا يقال إنه ليست هناك أدلة على وجود الله أقوى من الأدلة المستمدة من علم الفلك بكل أرقامه اللانهائية وقواه اللامحدودة، ومن شأن إدراك القوانين الحقيقية الثابتة أن يتحدث العلماء بقدرة الخالق وعظمة وجوده وصنيعه.
ولا يسع المرء إلا أن يدهش لما يقوله العلماء تخمينا من أن عمر الأرض هو خمسة مليارات من السنين، ومع ذلك فالمدة التي يقدرها العلماء لدوران المجرة حول مركزها مرة واحدة هي25 ألف مليار سنة.
بل أين هذه الأرقام من الذين يقولون إن عمر العالم عشرة آلاف سنة، وإن عمر الإنسان على الأرض ستة آلاف سنة؟ لا ريب في أن الحقيقة التي تتضح من طول المدة التي تستغرقها المجرة في الدوران حول مركزها هي أن عمر المنظومة الشمسية والكرة الأرضية أكبر بكثير مما كان العلماء يتصورونه حتى مطلع هذا القرن ذلك لأن التفكير الذي كان سائدا إلى مطلع القرن العشرين هو أن المجرات المتناثرة في الفضاء هي أجرام ثابتة لا تتحرك، في حين أنه قد ثبت من الناحية العلمية أنها تتحرك وتدور، وأن لها حركة وضعية كذلك (الحركة الانتقالية مع الحركة الوضعية).
والرقم الذي ذكر لدوران المجرة حول مركزها هو رقم افتراضي لا علمي، ولا بد لاحتساب مدة دوران المجرة حول مركزها من معرفة مسيرة المجرة وحدود الدائرة التي تدور حولها.
ولقياس مدى هذه الدائرة، لا بد من معرفة طول قوس الدائرة لإمكان الاستعانة بالقواعد الهندسية في استخراج محيط الدائرة، ولو عاش المرء خمسمائة مليون سنة أخرى لعجز عن أن يحدد مدى امتداد القوس الواحد من أقواس محيط الدائرة التي تدور حولها المجرة، ليستطيع بعد ذلك احتساب الدائرة كلها.
وحتى الآن لم تستطع الأجهزة الحديثة للرصد تعيين عدد المجموعات الضوئية ومجرات الكون، ولكن يقال بالتخمين إن عددها مائة مجرة، وهو رقم لا يثق فيه أحد من علماء الفلك.
والسبب الرئيسي في إيراد أرقام غير مؤكدة هو ضعف أجهزة الرصد الكهرضوئية المستخدمة في رصد جميع السيارات والمجرات في الكون، فإن أعظم أجهزة التلسكوب الموجودة في العالم لا تستطيع رصد الأجرام السماوية إلى مسافة 9 ملايين سنة ضوئية، ولكن أغلب الظن أن يتمكن الإنسان من رصدها هي وأجرام ومجرات مجهولة أخرى إذا ما وفق لصنع جهاز للرصد أقوى منه وأدق مئات المرات.
والسبب الآخر هو أن المجرات التي اكتشفها الإنسان حتى الآن إنما تقف في طريق المجرات الواقعة وراءها، فتحول دون رؤيتها ورصدها.
ومنذ أن اكتشف الإنسان مضاد المادة ظهرت نظرية تقول بوجود كون آخر له من السعة مثل كوننا هذا، أو لعله أوسع منه، وهو كون لا يحس الإنسان بوجوده وقد ذهب القدماء كذلك إلى أن لكل إنسان توأما ولكنه لا يراه.
وعالم مضاد المادة عالم لاشك في وجوده، ولكن الإنسان عاجز حتى الآن عن رصده ومشاهدته بالاستعانة بالأجهزة المتاحة، وما دام الإنسان عاجزا عن رؤية هذا العالم، فهو بالتالي عاجز عن توضيح صورته واستخلاص القوانين الفيزيائية أو الكيميائية المتعلقة به (أي بهذا العالم المضاد للمادة)، وما إذا كان يشبه كوننا أو يختلف عنه. إلا أن هناك فروضا لا تعدو أن تكون نظريات وتكهنات تخمينية، وهي في حقيقتها ضرب من الأساطير التي لا تعززها البراهين، كأسطورة حروب السفن الفضائية والحروب التي تشنها الكائنات التي تعيش في الأجرام السماوية على سكان كوكبنا هذا من بني آدم، وأن كنا لا ننكر أن بعضا من هذه الأساطير قد تحقق نظيرها في ما بعد.

 

 

 توقيع الهدهد :

سيبقى الرأيُ الآخرُ المُقصَى
والفكرُ المختلفُ المضايقُ
ملوّحاً لمن سيأتي مادام هناك مساحةٌ من الصوتِ أو حتى الصمتِ .

رد: الشك واليقين عند الإمام الصادق (عليه السلام)
الهدهد غير متصل   رد مع اقتباس