عرض مشاركة واحدة
قديم 23-05-2007, 07:20 PM   رقم المشاركة : 1
الهدهد
طرفاوي نشيط
 
الصورة الرمزية الهدهد
 





افتراضي الشك واليقين عند الإمام الصادق (عليه السلام)

<1>

منذ أن عني فلاسفة الإغريق في أقدم العصور بمسائل الفلسفة، وإلى يومنا هذا، وهناك قضية شاغلة لاهتمام الفلاسفة والمفكرين هي قضية الشك واليقين وماهيتها، وهل ثمة أمل في أن يرتقي الإنسان إلى مرتبة تنفي منه الشك، وهل الفرق بين الشك واليقين هو مجرد خلاف ظاهري؟

يقول الإمام جعفر الصدق (عليه السلام) وقوله صحيح، أن الشك مصدره الجهل، فإن كنا على يقين من نتيجة معادلة رياضية ما، لم يخامرنا الشك من حولها، أما إن افتقرنا إلى هذا اليقين بالنسبة لقاعدة في علم النفس مثلا، لم يكن هناك من مفر من الشك فيها، فمسائل النفس شئ، والقواعد الرياضية مثل 2×2=4 شئ آخر. فالأولى تفتح الباب أمام الاستثناءات والحالات الشاذة والقوانين غير الثابتة فيرتاب المرء في نتائجها، أما الثانية فلا خلاف عليها ولا هي تحتمل شكا، ومعروف أن الأفراد يتباينون ويختلفون، ويستقل كل منهم بصفات وخصائص خلقية ونفسية تغاير ما لدى الغير منها، فيؤدي هذا الوضع إلى استحالة التوصل إلى قواعد نفسية عامة تنطبق على الناس جميعا مهما اختلفت مشاربهم وأمزجتهم ونشأتهم وصفاتهم.

والمتأمل لأوضاع الجنس البشري، يرى أن الناس من حيث اللون والعنصر والأصل والمنبت والقومية، وتختلف إلى جانب ذلك من حيث الاتجاهات الفكرية والسياسية والخصائص النفسية، فإن تحقق الوفاق والوئام في المجتمع ما بين جميع أفراده برغم اختلافهم، فما ذلك إلا لأن أفراد المجتمع، ولا سيما الضعاف منهم، قد أحسوا بضرورة التكيف في سلوكهم وتصرفاتهم مع السلطة القائمة التي تملك القدرة على الوفاء بمطالب هؤلاء والمحافظة على حقوقهم.

ولو نظرنا إلى الأسرة الواحدة باعتبارها وحدة المجتمع، لوجدناها تفتقر إلى التطابق التام في الآراء والسلوك بين أفرادها، وهم أقرب الأقرباء، لأن لكل من الأب والابن، والأم والبنت، والزوج والزوجة شخصيته الخاصة التي تستقل بميولها وآرائها ومزاجها وما إلى ذلك.
وقد سبق لنا أن أشرنا إلى العالم النفسي الفرنسي (هنري برجسون) الذي عاش في النصف الأول من القرن العشرين، واكتسب شهرة عالمية بسبب تجاربه العلمية، وفي رأي هذا العالم أن نظريات علم النفس تصدق على القبائل التي تعيش على الفطرة والبداوة أو التي في طريقها إلى التمدن، أكثر من انطباقها على غيرها من الأقوام.
يقول برجسون إن تفكير أفراد القبيلة البدائية في أي موضوع يتشابه بل يتطابق، لأن معلوماتها محدودة وحاجاتها محدودة أيضا. ومتى ارتقى الإنسان واتسعت دائرة ثقافته ومعلوماته، اتسعت أيضا دائرة احتياجاته ومطالبه.
وقواعد علم النفس الموضوعة على أساس المقومات النفسية لقبيلة بدائية يمكن باطمئنان تطبيقها على كل فرد من أفراد هذه القبيلة، ولكن هذه القواعد لا تصلح لأفراد القبائل الأخرى.
ومع ذلك، فلا سبيل إلى إنكار القواعد العامة لعلم النفس، ولا إلى القول بانطباق هذه القواعد انطباقا عاما على كل حالة وفي كل موقف.

 

 

 توقيع الهدهد :

سيبقى الرأيُ الآخرُ المُقصَى
والفكرُ المختلفُ المضايقُ
ملوّحاً لمن سيأتي مادام هناك مساحةٌ من الصوتِ أو حتى الصمتِ .

الشك واليقين عند الإمام الصادق (عليه السلام)
الهدهد غير متصل   رد مع اقتباس