عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-2007, 12:17 AM   رقم المشاركة : 1
محمود درويش
شاعر قدير






افتراضي على قارعة الوعي ( قبل الإرتحال إلى برزخ الإعتكاف )

أجرداً من عشُب الوصل الرقيقْ
لابساً صحراءَ ذنبي والفسوقْ

فوق بيداء حياتي سَرَحَتْ
ناقةُ الوجدِ وطيفٌ من شروقْ

فخنقتُ النهرَ من منبعهِ
ونفيتُ العطرَ من حضن الرحيقْ

لم تعد تلك الفراشاتُ التي
طالما قد زرعتْ نوراً خفوقْ

هجرتني , ثم صار النورُ في
شرفات القلب مخنوقَ البريقْ

وعُجولٌ خانتِ المرعى فطاشتْ
فانبرتْ تقضم من عشبٍ وريقْ

-فإذا ما نضب العشبُ الرطيبْ -
وتهاوت في نفايات النفوقْ

صرتُ حيرانَ كمن يبحث عن
دمعةٍ في رحلة الصمت العميقْ

####

حاملاً قبري الذي أنهكني
والذي ينقضُّ باللحد المضِيقْ

أحمل الذنبَ كأني حاملاً
لفحةَ النار وغسّاقاً يُذيقْ

صار جسمي حطباً حجّرني
فغدى يُحرقني بعدٌ عميقْ

وعروقي أصبحتْ سلسلةً
ذرعها سبعون شيطانٍ محيقْ

إنني النار التي تمشي على
هذه الأرض سعيراً وحريقْ

صارت الأشياءُ أشياءَ جحيمْ
عندما كنتُ من الذنب لصيقْ

####

قد أضعتُ الحانة الكبرى على
سكة الوعي ودرب المستفيقْ

تسختْ كلُّ كؤوس الوصل بالـ
م ـبعدِ , ما يجدي صبوحٌ أو غبوقْ

وذباب الصحو قد حامَ على
لُـجَّةِ الكأس , طليقاً ورشيقْ

والأباريقُ علتْها لغةٌ
من تعاويذَ , فما عادت تُريقْ

فإذا بي خارج السكرة منفيـ
( م ) ـياً بلا شبهة كأسٍ وعذوقْ

####

إمحُ عني شهوةَ الأغيارِ محواً
إنما الأغيارُ قطّاعُ طريقْ

إمحُ عني شهوةَ الأغيارِ محواً
إنما الأغيارُ أصنامٌ تُعيقْ

هذه الأغيارُ بذرٌ أسودٌ
تُنبتُ الزقوم في قعر الحريقْ

إمحُ عني جدثَ الوهم فإني
غارقٌ في سفر البعد السحيقْ

يا إلهي لم يزلْ جودك في
مهجة الخلق حنوناً ودفوقْ

فأقمْ عرشك يا ربي على
شرفاتِ الروح بالنور الأنيقْ

وتجلى يا إلهي في جبا
( م ) لِ الأنا بالقهر والصعق المُفيقْ

 

 

 توقيع محمود درويش :
سجل
أنا عربي
ورقم بطاقتي
الأحساء
محمود درويش غير متصل   رد مع اقتباس