عرض مشاركة واحدة
قديم 28-04-2007, 10:57 PM   رقم المشاركة : 2
ديك الجن
شاعر قدير
 
الصورة الرمزية ديك الجن
 






افتراضي رد: نص مختار وتحليل نقدي (شغاف) !!!

من النصوص التي شغفتُ بها لذا سأحاول كتابة ما يجود به قلمي
من تحليل ونقد وسباحة تفي حق هذا الجمال .


.


.
شغاف

هذا العنوان يغريك بسباحةٍ ما؛ الغرق فيه شعور بمتعة الحياة؛ لذا لن أكتفي بالسطح، قد مرَّ عليك في قصة يوسف : " قد شغفها حباً " إنها جملة جسدت حالة زليخة تماماً في تلك اللحظة الطاغية .
قال صاحب الصحاح : ( الشَغافُ: غلافُ القلب، وهو جلدةٌ دونَه كالحجاب.
يقال: شَغَفَه الحُبُّ، أي بلغ شَغافَه. وقرأ ابن عباس رضي الله عنه:"قد شَعَفَها حُبّاً " قال: حبُّه تحت الشَغافِ.)
وينقل الثعالبي في فقه اللغة عن الأئمة :
(أول مراتب الحب الهوى ثم العلاقة، وهي الحب اللازم للقلب ثم الكلف، وهو شدة الحب ثم العشق وهو اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب ثم الشعف وهو إحراق الحب القلب مع لذة يجدها وكذلك اللوعة واللاعج، فإن تلك حرقة الهوى، وهذا هو الهوى المحرق ثم الشغف وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب، وهي جلدة دونه وقد قرئتا جميعاً " شغفها حباً " وشعفها، ثم الجوى، وهو الهوى الباطن ثم التيم، وهو أن يستعبده الحب، ومنه سمي تيم الله أي عبد الله، ومنه رجل متيم ثم التبل، وهو أن يسقمه الهوى ومنه رجل متبول ثم التدليه وهو ذهاب العقل من الهوى. ومنه رجل مدله ثم الهيوم، وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه. ومنه رجل هائم.)

إن مهمة المعاجم العربية هي إيصال المعنى الدقيق للمفردة بكل أمانة وصدق .
لكنَّ هذه الأمانة حرمت خيالنا من تحليقٍ جامح، فالمعاجم تقف عند حد معين بحسب وظيفتها العلمية لا اللغوية أو الإبداعية .
شَغَاف إضافة إلى معناه السابق تأخذنا حروفه الرقيقة إذ تبدأ بالشين الذي يدل على التفشي والتوغل في الأشياء
بصوته الهامس، وانطلاقاً بالغين المتصلة بحرف المد (ا) لتمنح ذلك الحرف الحلقي الثقيل (غ) امتداداً وتحولاً بدرجة 180إلى الخفة والتحليق، وصولاً إلى حرف (ف) الحرف الشفوي المتناهي في اللطف والدلال.
هذه الحروف إذن هي التي وهبت بجرسها مفردة (شغاف) تلك الطاقة العجيبة، وأمدتها بذلك المعنى السحري، قد لا نجد هذا السحر الإيقاعي في مفردات أخرى كشغف أو شغوف مثلاً، من هنا ندرك براعة الشاعر في اختيار العنوان (شَغَاف) دون غيرها من المفردات، ودون أن يضيفها لكلمة أو يضع لها صفة؛ متكئاً في ذلك على ما تختزله المفردة من طاقةٍ هائلة ونبض خلاق وقوًى جبَّارة .
في النص رقة متناهية وانتقالات من جوٍّ لطيف إلى آخر ألطف، وهذا ما يجعل العنوان أكثر ملاءمة وتعبيراً للمضمون، تأمل حالة الخفر المتزايد مثلاً أو لملمة الأشواق وتنضيدها في زوايا السرير، وكذلك حالة الباب المتدرجة .





.



.

 

 

 توقيع ديك الجن :
الدِّيكُ يمتدحُ هديلَ الحمامة؛ لأنَّ الحمامةَ تمتدحُ صياحَ الدِّيكِ .


حكمةٌ لا يهم أن تعرف قائلها !!

.
.
ديك الجن غير متصل   رد مع اقتباس