مفردة اللعن في القرآن الكريم
وردت كلمة اللعن وما يشتق منها 41 مرة ً بحسب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي، يعني المفروض أننا نكرر اللعن في زيارة عاشوراء 41 مرةً بدلاً من 100مرة وإلا أيش رايكم يا شباب ؟.
وإذا عرفنا أن اللعن يعني الطرد والإبعاد من رحمة الله، فمعنى ذلك أن الرحمة هي ضد كلمة اللعن ومفردة الرحمة وما يشتق منها وصلت إلى 300مرةً فلك أن تتأمل الفارق بين حضور مفردة اللعن مقابل حضور مفردة الرحمة .
بعد مطالعة شاملة لآيات اللعن اتضح لي أنَّ القرآن الكريم لم يلعن شخصاً بعينه إلا إبليس، وأما باقي اللعن فقد كان موجهاً لمن يحمل صفات معينة كالكفر والظلم أو أعمالاً منكرة كممارسات اليهود من أصحاب السبت وممن غضب الله عليهم وممن قالوا يد الله مغلولة أو لمن يكتم ما أُنزِل من البينات والهدى من بعد ما بُيِّن للناس في الكتاب أو لمن يرمي المحصنات الغافلات المؤمنات أو للكاذبين في المباهلة أو لمن يؤذي الله ورسوله، فلا شاهد إذن على لعن رجل معين أو امرأة معينة .
لا أريد أن أستعرض جميع آيات اللعن تفسيراً وتأويلاً فهذا سيدخلنا في تفصيلات تبعدنا عن نقطتنا الجوهرية التي نريد أن نؤصل لها، ما يهمني في هذه الآيات أنها جاءت لبيان فداحة هذه الصفات والأعمال التي توصل المرء إلى اللَّعن، وبالتالي فهي تربينا بطريقة غير مباشرة، وكأنها تحدد موارد اللعن كي يبتعد المرء عن مثل هذه المواضع فيسلك السلوك الذي يؤدي به إلى رضوان الله ورحمة هذا ما فهمته من مراد الآيات، فلم تأتِ الآيات لتعلمنا كيف نلعن أو نكتشف من يستحق اللعن فنبحث عن أشخاص معينين فنلعنهم مئة مرة أو مئة وواحد ونصف فليس هذا منهج القرآن الكريم بدليل مصداق الآية الكريم : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ).
وقد قلنا سابقاً أن السب في اللغة يندرج تحت اللعن فهو جزء منه، وإذا كان النهي في الآية الكريمة للسب الذي هو أقل شأناً من اللعن فمن باب أولى الابتعاد عن اللعن والنهي فيه أقوى من السب، فكيف بنا نستسهل ذلك ونجعل اللعن من القربى، بل ندخله في باب الولاء والبراء وكأنه جزء لا يتجزأ من العقيدة ؟؟.
نأتي إلى نقطة جوهرية وهي مَن يحدد اللعن ويطبق مصاديقه من الآيات الكريمة؟
ليست العملية بالأمر اليسير فلا تقل أن الفقيه هو من يحدد، فالفقيه لا يعلم علمَ اليقين بأن شخصاً ما يستحق اللعن أم لا. بقطع النظر عن النتائج السلبية المترتبة على ذلك، فالحكم على شخص بأنه مطرود من رحمة الله حكمٌ إلهيّ، والقرآن لم يضع منهجاً يبين لنا فيه كيف نلعن؟ وكيف نكون لعانين بامتياز على طريقة إسلامية خاصة ؟
فالقرآن الكريم واضحٌ في منهجه " ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ..." وواضحٌ في تربيته أيضاً الروحية والسلوكية " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم " .
إن نشأة الأبناء في مجتمع لعَّان مشكلة تربوية عظمى تؤدي إلى احتقان الكراهية والبغضاء فيما بين المجتمع الواحد وتتطوَّر إلى ما هو أبعد من ذلك ولا أبسط من مشاهد دماء الأبرياء التي تسفك باسم الدين كدليل على ذلك.
لنأتي إلى الموضوع بصراحةٍ أكثر وما أجمل الصراحة! لماذا هذا الإصرار المفتعل والمتعمَّد من قبل البعض على سب أبي بكر وعمر ؟ وأقول ذلك لأنه مع الأسف الشديد توجد شواهد على هذا السب ومن علماء ورموز محسوبين على خط أهل البيت عليهم السلام.
وهذا ما سيجعل الموضوع أكثر جدية في محاولة البحث عن نص ورد فيه سب أبي بكر وعمر،
فانتظروا إني معكم من المنتظرين .