تنتشر في مجتمعات دول مجلس التعاون الخليجي ظاهرة هي من الظواهر المذمومة التي لا تمت للإسلام بأية صلة ، وهي من مظاهر الجاهلية الأولى ، ألا وهي الكبر والاستعلاء وحب الظهور.
فتجد أن معظم الأفراد يحاولون بشتى الطرق الوصول إلى مستوى عال من الرفاهية والعز والترف ، وكأنه الهدف الوحيد في هذه الحياة . ويبذل بعضهم الغالي والنفيس من أجل الوصول إلى هذا الهدف السامي –في نظره- ،
حتى أنه يصل الأمر بأكثرهم إلى الاقتراض من البنوك المبالغ الهائلة التي لا يستطيع حتى تسديدها ، وكل ذلك من أجل أن يكون بمظهر المترفين.
بصراحة أنا استغرب أيما استغراب وأتعجب أيما عجب من هؤلاء الناس الذين يفكرون هذا التفكير السطحي أتعجب من الذين يفكرون في المظاهر الخادعة.. المظاهر الكاذبة ، الذين إذا كشفنا عن باطنهم وجدنا النقيض تماما ،
ولوجدنا كثيرا من هؤلاء الذين يهوون المظاهر ، يشترون السيارات الباهظة الثمن عن طريق قروض البنوك ، ويحتفلون بأعراسهم بتكاليف باهظة الثمن عن طريق البنوك، يدرسون أولادهم في مدارس خاصة -بغض النظر عن مستوى جودة التدريس في المدرسة- وذلك باللجوء إلى البنوك ... يسافر خارج الدولة للترفيه عن نفسه ..والمصروف من الوالد –بابا بنك-
مما يعني أنه سوف يظل يسدد تلك المبالغ طيلة حياته ..وأنتم أدرا بالمعاملات البنكية وفوائدها. حتى أن هذه العادات أدت إلى قيام البنوك بتوفير مميزات وتسهيلات كثيرة من هذا النوع حتى تجذب الناس إليها.
بصراحة نحن في حاجة إلى إعادة النظر في هذه الحياة من كافة جوانبها ، وفي أفعالنا هذه وهل هي من الصواب في شيء أم ماذا؟!
هل يجب أن يعيش الإنسان طيلة حياته مكبلا بالديون من أجل أن يظهر بصورة مشرفة أمام الناس؟!
وهل الناس الذين نعمل لهم كل هذه الأعمال سوف ينفعون في شيء؟! وما هي الفائدة المرجوة من هذه الأفعال؟! تساؤلات كثيرة تطرح نفسها بنفسها وما عليك أخي القارئ إلا الجلوس مع نفسك محاولا إيجاد الأجوبة لها
إن في هذه الدنيا ما يغني عن التفكير والتركيز في المظاهر -خصوصا الخادعة- فبمجرد أن يلقي الإنسان نظرة تأمل في هذه الدنيا والاعتبار بغيره من القرون الخالية ، مثل قارون الذي آتاه الله أموال الدنيا حينما لم يصيّر تلك الأموال للأهداف التي جعلت لها ،
بل كان يتفاخر بها بدون شكر الخالق عليها ، وماذا حل به في النهاية ، وكيف أنها لم تنفعه حين ما غضب الله عليه. وصاحب الجنتين الذي كان يفتخر بماله ويحتقر صاحبه الفقير ، ماذا فعل الله به ، وللنظر في المقابل إلى المثال الصحيح وهو ذو القرنين الذي آتاه الله ملك الأرض ، لم يفتخر بذلك بل سخّر ما آتاه الله سبحانه وتعالى لخدمته وللغرض الذي أوتي من أجله .
لو تأملنا في هذه الأمثلة لوجدنا أن المال زائل لا محالة ، إذا لماذا كل هذا التكبر والغرور ، ووضع النفس فوق قدرها ورتبتها في الحياة لماذا لا يفكر الإنسان في الأمانة الملقاة على عاتقه في اعمار الأرض، وهل ما نفعله الآن هو من الاعمار وأين التواضع ، وأين هؤلاء من وصية لقمان لابنه
(ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور) خفض الجناح الصدق والأمانة والأخلاق التي جاء بها خير البرية وهو القدوة الحسنة ، أين نحن من قدوتنا ومعلمنا وهادينا؟