عرض مشاركة واحدة
قديم 30-11-2006, 08:52 AM   رقم المشاركة : 4
رونق الماس
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية رونق الماس
 






افتراضي مشاركة: وما بعد الطلاق..

وتتابع..
خضت التجربة بنفسي
إنني ما أقدمت على وصف هذه التجربة إلا لسببين:
أولا: لأنني خضت هذه التجربة القاسية، وأعرف تمامًا كيف تحس المطلقة، وكيف تفكر، وكيف ترى العالم من حولها، كما دفعني للكتابة في هذا الأمر الشائك قراءتي لإحصائيات عديدة يؤكد أغلبها على ارتفع ملحوظ في نسب الطلاق، وخاصة في الزيجات الحديثة.
أغض الطرف عن الأسباب والمسببات، فذلك يحتاج إلى بحث، بل أبحاث مطولة من المختصين، وأبقى في وصف ما أسميته في البداية بزمن الليل الدامس، فقد يساعدنا سرد مثل هذه التجارب في فهم جانب من المشكلة.
ثانيا: أرى بصورة جلية عدم تفهم المحيطين بالمطلقة لظروفها النفسية، فهم تارة يتعاملون معها وكأن شيئا لم يؤثر في كيانها وتركيبتها النفيسة، وتارة يتعاملون معها وكأنها بدع من الخلق، هناك من يراها الضحية المذبوحة على مذبح اضطهاد المرأة والجور على حقوقها، وتارة ينظر إليها على أنها الآثمة المقصرة، المهملة، الجاهلة بحنكة النساء وكيدهن. المطلقة ببساطة لا هي هذه ولا تلك، قد يكون هناك تقصير منها أو جور من زوجها أو سوء اختيار للطرف الآخر من أول الأمر، ولكن في النهاية المطلقة تعاني – بغض النظر عن الأسباب والمسببات التي أديت إلى الطلاق – من إحساس الإحباط والفشل وضياع الأيام والشهور والسنين.
وبالتالي هي لا تحتاج إلى من يزيد الضغوط عليها بتذكيرها بما حدث أو بما كان، فالضغوط النفسية لا تفارقها مهما حاولت إخفاء حالتها النفسية المضطربة وتركيبتها النفسية المدمرة في بعض الأحيان.
قد تضحك وتتسامر وتبدي أمام الجميع المرح والبهجة، ولكن يبقى ما بداخلها ضاغطا عليها يوشك في أي لحظة على الانفجار.
وبالتالي هي في أمس الحاجة إلى إعادة الاتزان النفسي، ولن يتأتى ذلك إلا بالاستغراق في عمل جاد يثمر في نهايته نجاحا واضحا، بمعنى أكثر وضوحا هي في حاجة إلى الاهتمام بأمور أخرى تبعدها عن ذكريات الماضي: الدراسة، العمل، العمل التطوعي.
ولتستغرق في ذلك بالكلية، فلا تفكر إلا في عملها هذا: كيف تنجح فيه؟ ماذا تحتاج إليه كي تمشي بخطوات ثابتة إلى الأمام؟ كيف تثبت للجميع أنها ما زالت قادرة على العطاء والبذل، وأنها ما زالت طاقة حية لم تنضب بعد؟
وأثناء سيرها تعيد التفكير بصورة أكثر جدية فيما مضى؛ فالوقت كفيل بنزع مشاعر الظلم والأسى لتدرك حقيقة ما حدث؟ أين كان الخلل؟ ما هي الطريقة التي تمكنها من الاستفادة من أخطاء الماضي؟
وعندما تنجح وهذا يحتاج بالطبع إلى وقت في الإجابة على هذه التساؤلات بعقلانية شديدة ودون تدخل لمشاعر الأسى والحزن والكآبة.. هنا فقط يمكن لها أن تفكر في مشروع جديد.
ليس هناك من تريد أن تقبع في غرفتها تتأمل الظلام الدامس من حولها، ليس هناك من لا تتمنى أن ترى بريق أول شعاع للشمس يشرق على حياتها، إلا أنها محتاجة إلى عون من حولها بتأكيدهم لها أنها ما زالت قادرة على الوقوف على قدميها، إنها ما زالت عندها القدرة على العطاء في ميادين الحياة المختلفة، وأن الحياة لم تتوقف بعد.
فإن أحيطت المطلقة بهذه المشاعر والقناعات الإيجابية فسوف يتسرب إليها الأمل والنظر الأكثر إشراقًا إلى المستقبل، فيدفعها ذلك إلى العطاء والبذل والتأقلم مع الحياة بما فيها من صعوبات نفسية أكثر اتزانا ورؤية أكثر عقلانية.
فلا تجلس حبيسة الماضي وذكرياته، بل تنطلق إلى آفاق جديدة بحيوية ونشاط وعطاء مستمر ونفسية مستبشرة بقرب أذان الفجر.
وهذا ما قد قمت به بالفعل

 

 

 توقيع رونق الماس :
مشاركة: وما بعد الطلاق..
رونق الماس غير متصل   رد مع اقتباس