الإلحاح المتواصل يجعل طفلك كسولاً
إذا اتفق أن رأيت أماً تحاول أن تحث طفلها المتأخر عن موعد المدرسة على النهوض من الفراش وهي توبخه بصوت عالٍ، أو تلح عليه في أن يسارع إلى الاغتسال وارتداء ملابسه ثم تناول فطوره، بالتأكيد ستتعاطفين معها وتقولين لنفسك كم هي متعبة تربية الأولاد! ولكن عليك أن تتذكري أن الطفل المتراخي الكسول لم يخلق في معظم الأحوال كذلك بل هو تحول إلى هذه الحالة شيئاً فشيئاً، وذلك بسبب الإلحاح المتواصل عليه في كل شيء بدءاً من تناول الطعام وانتهاء بالذهاب إلى النوم. وفي الحقيقة من السهل أن تتعود الأم الإلحاح على أطفالها، ولكن ذلك يولد فيه عناداً وشروداً ذهنياً، وقد يدعي الأبوان أنهما مضطران إلى الإلحاح والإنذار، وإلا فإن طفلهما لا يخطو خطوة واحدة نحو أداء ما يتوجب عليه عمله. وبذلك يدور الجميع في حلقة مفرغة. وغالباً ما يلقي الخبراء باللوم على عاتق الأم، إذ إن توترها الشديد ونفاد صبرها مع رغبتها في إحكام قبضتها على شؤون المنزل تدفعها إلى الإلحاح على أطفالها في كل شيء, وهي عادة لا تدرك - حتى مجرد إدراك - مدى ما تلحقه بأطفالها من أضرار أهمها تجريدهم من فرصة أخذ زمام المبادرة بأنفسهم.
ففي السنوات الأولى، وقبل أن يصبح الطفل قادراً على تنفيذ التعليمات، لا بد للأم من أن ترشد طفلها إلى طرق القيام بمختلف الأعمال الروتينية، ولكن حيث تتقدم به السن قليلاً، إذ يصبح راغباً في تولي بعض المسؤوليات بنفسه، عليها أن تبتعد عن المسرح بأسرع ما يمكن، على أن تعود إلى إرشاده والأخذ بيده إذا ما تعثر في أداء بعض الواجبات؛ فمثلاً، عندما يبدأ في الذهاب إلى المدرسة تدعه يفهم أن من واجبه أن يعرف كيف يصل إلى المدرسة في الموعد المحدد. وقد يكون من الأفضل أن تدعه يتأخر عن الموعد مرة أو مرتين، أو تدعه يتأخر حتى عن موعد مرور السيارة فلا يذهب ذلك اليوم كله إلى المدرسة بحيث يحس هو بنفسه بمدى الخسارة الفادحة التي عاناها من تلكؤه، فالطفل يكره بطبعه أن يتخلف عن المواعيد أكثر مما تكره ذلك أمه نفسها. هذه هي الطريقة المثالية التي تدفعه إلى الاعتماد على نفسه.
فالطفل إذا ما سمح له بأن يأخذ بنفسه زمان مبادرة ما يخصه من الأمور. وتم تذكيره بطريقة ملموسة عندما يفشل في القيام بنفسه ببعض الأمور دون أي شكل من أشكال الإلحاح، فإنه يكون وفي معظم الوقت، ميالاً إلى الاعتماد على نفسه بصورة طبيعية وبسيطة