عرض مشاركة واحدة
قديم 26-08-2006, 03:59 PM   رقم المشاركة : 1
العنيد
طرفاوي نشيط







افتراضي الإعلام الغربي.. معنا أم ضدنا؟

مسؤول في شبكة «أي.بي.سي» الأميركية: عملنا هو نقل الأخبار وليس تحديد من يستحق تغطية أقل أو اكثر



الحروب في وسائل الإعلام الحديثة دائما ما تأتي بصعوباتها المتعلقة بالجوانب الصحافية، فعلى الرغم من ان الصورة التي التقطت في لبنان ونشرت في مختلف وسائل الإعلام الاسبوع الماضي اثارت اهتماما واضحا، فإنها لا تعدو ان تكون جزءا من قضية اكبر حجما وهي دور الصور والمَشاهد بصورة عامة في تصوير النزاع الذي اندلع قبل حوالي خمسة اسابيع نتيجة هجوم لـ«حزب الله» داخل اسرائيل واختطاف جنديين اسرائيليين. الأمر الأكثر إثارة لضيق وحنق الكثير من وسائل الإعلام الاميركية هو الصراع بغرض تحديد حجم الصور والمَشاهد التي تصور القتلى والجرحى المدنيين وكيفية عرضها خلال التغطية عندما تكون خسائر واحد من الأطراف اكثر من الآخر. اصبحت الحسابات الصحافية اكثر تعقيدا بفعل النزاع العربي ـ الاسرائيلي، وهو موضوع يربك محرري الاخبار اكثر من اية قضية اخرى، و«حزب الله»، الذي تعتبره الحكومة الأميركية منظمة ارهابية. إلا ان عملية اتخاذ القرار باتت مشحونة بسبب قوة وفعالية الصور والمَشاهد التي تنقل على شاشات التلفزيون وتعتبر مثيرة ـ ومستفزة ـ على نحو لا تعبر عنه حتى الكلمة المكتوبة او الحديث. تقول الصحافية ومديرة مكتب «سي ان ان» السابقة في بغداد، جين عرّاف، ان الصور الثابتة والمَشاهد التلفزيونية هي التي تؤثر في الناس وتحركهم لكنهم في نهاية الأمر يحتفظون بمَشاهد بسيطة في أذهانهم عندما لا يكونوا مهتمين او منشغلين بقضية ما. ويقول محررو ومسؤولو تحرير في صحف ومجلات اخبارية اميركية ومحطات بث وشبكات الكيبل انهم لا يفرضون «معادلة للإنصاف» في تغطية الأحداث. وفي هذا السياق يقول جوناثان كلين، مدير «سي ان ان» في الولايات المتحدة، ان الأمر ليس منافسة رياضية تضاف فيها النقاط لطرف من الأطراف، إلا ان المحررين ومسؤولي التحرير يؤكدون في نفس الوقت انهم يحرصون باستمرار على ايجاد التوازن المطلوب في التغطية. كما انهم يبدون اهتماما خاصا بالصور والمَشاهد بسبب فعاليتها وقوة تأثيرها. وقال بيل كيلر المحرر التنفيذي لصحيفة «نيويورك تايمز» ان «الصور اقوى من الكلمات، لأن محتواها هو الى حد كبير محتوى عاطفي وعميق، ولأنك لا تستطيع تحرير محتواها، لا يمكنك ان تدخل عبارة «من المؤكد» في صورة».
وقال كيلر انه في تغطية اخبارية مستمرة مثل هذه «الحرب في لبنان» تقيّم الصحيفة خياراتها في الصور الفوتوغرافية على مجموعة من العوامل، بينها نوعية الصورة ومصداقيتها. وقال «أنت لا تقول: أمس ابرزنا صور ابرياء لبنانيين موتى ولهذا يتعين علينا اليوم ان نبرز صور ابرياء اسرائيليين موتى»، مضيفا «لكنك تهدف بمرور الزمن الى أن تصور الطائفة الشاملة من عواقب الحرب».

وذلك الهدف أكثر تحديا عند التعامل مع الصور الفوتوغرافية الصامتة، التي تنقل اكثر من اية وسيلة اخرى بلاغة ومعنى الأوضاع المرعبة، وفقا لما قاله ديفيد فريند محرر التطوير الابداعي لمجلة «فانتي فير» والمدير السابق للتصوير في مجلة «لايف».

وقال فريند، الذي سينشر كتابه الموسوم «مشاهدة تغير العالم: القصص خلف صور الحادي عشر من سبتمبر» الشهر المقبل، قال «انها تجسد الكثير من المعاني في فضاء محدود، انها المعادل الفني للطاقة الذرية، حيث يكون لديك الكثير من الطاقة في فضاء صغير يتعين عليها تفجيره».

وفي مقالة تحمل عنوان «أهداف غير مقصودة» نشرت في عدد الأسبوع الماضي من مجلة «تايم» قدمت المجلة صورتين لقرائها واحدة الى جانب الأخرى. ففي الصفحة اليسرى كانت هناك صورة فتاة تبكي وهي متشبثة بأمها في غرفة طوارئ وكلاهما جريحتان بصاروخ اطلقه حزب الله. وعلى الجانب الأيمن ووسط مشهد من أكياس الجثث في أعقاب هجوم اسرائيلي على بناية في قانا يمكن ان نلمح صبيا قتيلا عبر كيس بلاستيكي. وقال ريتشارد ستينغل مدير تحرير «تايم» انه بينما تدخل الاهتمامات بشأن النزاهة في حكمه فان ذلك لم يكن العامل الرئيسي في هذه الحالة. وقال جون بانر المنتج التنفيذي لبرنامج في محطة أي بي سي انه لم يستطع أن يفكر بحدث اخباري في الذاكرة الحديثة أكثر صعوبة في التغطية اذا ما اخذنا بالحسبان تعقيد القضايا والطبيعة المؤثرة للصور، وعادة ما تبث أي بي سي جزءا من لبنان وآخر من اسرائيل كوسيلة لتقديم أنباء القتال من كلا الطرفين.

ولكن ذلك، بالنسبة للبعض، يعد تقاعسا في الواجب الإعلامي، حيث يرى بعض منتقدي اسرائيل أنه بحكم أن حجم الدمار والقتل في لبنان هو أعظم، فإن اظهار أي شيء ما عدا ذلك يصب في خانة «الداعم لاسرائيل». اما داعمو اسرائيل فيرون عكس ذلك، لأن اسرائيل بحسبهم هي دولة ديمقراطية تمارس حقها في الدفاع عن النفس، فيما حزب الله هو حزب ارهابي يستخدم المدنيين اللبنانيين كحاجز صد. ويعلق إبراهيم هوبر، مدير الإعلام الوطني في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية «كير»، إن إسرائيل استخدمت قوة غير مناسبة في معركتها مع حزب الله، مودية بحياة المدنيين ومهددة ديمقراطية لبنان الناشئة بتدمير بنيته التحتية، ويضيف «يجب اظهار ذلك بما يتناسب مع حجم القتل والدمار الذي خلفته».

وقتل أكثر من 1000 لبناني، كثير منهم مدنيون، خلال نحو خمسة اسابيع من الاقتتال الذي توقف بقرار وقف إطلاق النار من مجلس الأمن أخيرا، فيما قتل نحو 150 إسرائيليا، معظمهم من العسكريين. ولأن ذلك هو الحال، فإن فكرة المساواة في عدد الصور «تساوي مساواة خلقية زائفة» بحسب ما تقول جين عراف، وتضيف «خسارة مئات الأرواح المدنية لا تساوي بشكل دقيق خسارة عشرات الأرواح المدنية وخسارة ارواح عسكرية». ولكن بالنسبة لآخرين، فإن الجدل هو حول فهم خلفيات هذه الحرب الحقيقية، «التناسب هو مصطلح لا قيمة له في صراع من هذا النوع»، بحسب ما يقول تشارلز جونسون، الذي كشف موقع مدونته الإلكترونية «بلوغ» المعروف بـ«ليتل غرين فوتبولز» ان مصورا من رويترز قام بتعديل صور التقطها بحيث يبدو حجم الدمار أسوأ مما هو عليه. وبحسب رأيه ورأي آخرين، فإن «حزب الله» هو جماعة ليست لديها أية مشكلة في المخاطرة بحياة المدنيين. ويقول ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية ان «حزب الله» يفوز بحرب الصور لأنه «لا يتم ذكر التكتيكات الحربية اللااخلاقية ولا هدفه في ازالة اسرائيل من على الخريطة». ولا يرى كل من بوت، الذي يكتب مقالا اسبوعيا في صحيفة «لوس انجليس تايمز»، وفكتور ديفس هانسون، وهو عضو في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، بأن ما يحدد عدالة أية حرب هو الضحايا المدنيين، رغم الاسف لسقوطهم، وبرأيهما فإنه حتى لو أن وسائل الإعلام خلال الحرب العالمية الثانية قامت بعرض صورة تلو الأخرى لضحايا قصف التحالف من اليابانيين والألمان، فما كان لذلك ليغير من الهدف الاخلاقي للحرب. ويضيف هانسون «يبدو كأنه كانت هناك صور أكثر تظهر المآسي من لبنان» معتبرا انه «يود ان يرى توازنا اكبر». ويقول «ليس ذنبي ان كانت صواريخ الكاتيوشا لا تزال بدائية ولا امكانية لها لحمل الرؤوس النووية». واعتاد المسؤولون في المؤسسات الصحافية منذ زمن بعيد على تلقي الشكاوى بخصوص تغطية ملف الشرق الأوسط من مختلف الاطراف. ويقول بيل كيلر المحرر التنفيذي لصحيفة «نيويورك تايمز» ان الذين يشتكون «لا يريدون تغطية موزونة لما يحدث» فيما يقول السيد بانر من أي بي سي نيوز انهم «الذين يشتكون يريدون منك ان تغطي بالشكل الذي يريدونه هم»، مضيفا «عملنا ليس تحديد من يستحق «تغطية» اكثر أو أقل، وانما عملنا هو نقل الأخبار».

 

 

 توقيع العنيد :
العنيد
العنيد غير متصل