في غرة رجب عام (57) من الهجرة، غمر بيت الرسالة الطاهر موج من السرور والبهجة، احتفاءً بميلاد إماما سبق مَن سواه من مواليد ذلك البيت العظيم، في كونه أول وليد فيه ينتهي في نسبه الى علي (عليه السلام) وأمه فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام) التي وصفها الإمام الصادق (عليه السلام) بأنها صدّيقة لم تُدرَك في آل الحسن إمرأة مثلها، فهو هاشمي من هاشميين، وعلوي من علويين.
هو الإمام أبو جعفر باقر العلوم وخامس الأئمة أبصرت عيناه النور في المدينة المنورة يوم الجمعة الأول من شهر رجب عام سبعة وخمسين من الهجرة ( 1 ). يسمى محمداً، وكنيته أبو جعفر ولقبه باقر العلوم.
ولد طاهراً مطهراً ـ كغيره من الأئمة ـ تحيط به هالة من الجلال والعظمة.
وفيما يلي نذكر جانباً من منزلته وجلاله:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأحد صحابته الأجلاّء وهو جابر بن عبد الله الأنصاري: يا جابر ستعيش حتى تدرك ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: الذي اسمه في التوراة الباقر فإذا كان ذلك فأبلغه سلامي.
وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمّر جابر طويلاً... فدخل يوماً دار الإمام زين العابدين فرأى الإمام الباقر (عليه السلام) وهو لا يزال طفلاً يافعاً فقال له: أقبل فأقبل، قال: أدبر فأدبر، وجابر ينظر إليه ويراقب مشيته وحركاته فقال: انها شمائل النبي ورب الكعبة.
ثم التفت إلى الإمام السجاد (عليه السلام) وسأله: من هو هذا الطفل ؟
قال: انه ابني وهو الإمام من بعدي « محمد الباقر ».
فقام جابر وقبّل قدميه وقال: فداك نفسي يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، تقبّل سلام وتحيّات أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانه بعث إليك بسلامه.
فإمتلأت عينا الإمام الباقر (عليه السلام) بالدموع وقال: السلام على أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما أبلغتني سلامه