توبة بطّال
حدّثنا أحد الشباب البطّال قال:
كنتُ عربيداً سارقاَ ، عن كلّ التقاليد والأعراف مارقاَ ، لا أحمل جِراباً ، ولا أملك
حساباً أنام على الثّمالة ْ، وأصحو على البطالة ْ. فما من بيت في قريتنا إلاّ وكانت لي
فيه جولة ْ وعلى أساور أهله صولة ْ.
ومن أعجبِ صفقاتي وأغربِ مغامراتي ، أنّي سطوتُ يوما على حظيرة صغيرة
فاختطفت منها ديكا وديكاً ، فلمّا أكثر الصيّاحْ وخشيت الافتضاحْ ، أودعته حجرةَ
عدّادِ كهرباءْ على أمل العودة له في المساءْ. لكنّ التيّارْ انقطع على أهل الدّارْ لكثرة
حركةِ الدّيك داخل الإطارْ، فخرج ربّ البيت مذعوراً من الرقادْ ، مشمّرا ومسرعا
نحو العدّادْ . وما إن فتح بابهْ حتّى فقد صوابهْ ، وأغمي عليهِ حين طار الديك بين يديهِ .
فقال قائل إنّه مارد من بني الأصفرْ وقال آخر بل عفريت من بني الأحمرْ، فلمّا تعدّدت
آراؤهمْ ْوتشعّبت أهواؤهمْ قلت: اقتلوه وحرّقوه وانصروا أباكمْ سدّد الله خطاكمْ، وإن
خفتم شرّهْ فقلّدوني أمرهْ . فخرجت به على أعين النّاسْ بعد الحيطة والاحتراسْ
وخلوت به خارج القرية في كهف ككهف الفتية . فأضرمت ناري ونصبت أحجاري
ثمّ شحذت سكّيني وأخذته بيميني ، وقلت باسم الله والله أكبرْ فقال : الويل لك من بني
الأعورْ فانتابني رغم شجاعتي وبسالتي رعب شديد غير معهود ، وأسلمت
ساقيّ للريحْ أسقط على كومة رمل تارة وأخرى على ضريحْ . ومن يومها حرّمت
السّرقة على نفسي وطويت صفحة أمسي.