جلسة ليلة الأثنين الموافق ٨ صفر 1436هـ ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤م بسمه تعالى وله الحمد على نعمه التى لا تحصى والصلاة والسلام على عبده وآله . خطوة أخرى في السير فوق صراط التفكر والتدبر في آي القرآن الكريم وإتماماً لتفسير آيات سورة الأعراف من الآية (177-180) . وللذة الحوار والنقاش وجمال المعلومات التي حصلنا عليها بسبب اشتراك اغلب الحضور - خصوصا هذه الجلسة - لم نتمكن من مناقشة اكثر من ثلاث آيات كريمات . وأول الحوار كان حول قوله سبحانه ( من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فإولئك هم الخاسرون ) ، فالهداية والإضلال لا يحصلان للمكلف جبراً وإرغاماً له فكأنما يُسَاقُ إليهما سوقا ؛ بل أن الأسباب التي تؤدي إلى كليهما متواجدة ومتوفرة بتفضل من الله ، وإنما المكلف عليه أن يعمل رأيه وفكره ليختار أي ( النجدين ) يريد ، فلو اختار طريقاً عوجاً غير مستقيم لزم أن يؤدي به إلى الضلال ولو إتبع الطريق المستقيم والصراط القويم كان من المهتدين . والمثال التالي يقرب المعنى أكثر ، فلو كنتُ في بحرٍ هائجة أمواجه ومررتُ بأناس يكادون يغرقون لأن قاربهم انكسر بهم بين الأمواج ، فقلتُ أنا لهم : من يركب معي سأنجيه ومن يتخلف عني سيغرق ، فالنتيجة الحتمية ستكون النجاة لمن ركب معي بإختياره ومن اختار ان يتخلف ستبتلعه الأمواج ، ولن أعاتب على حال الغرقى وسأشكر على إنقاذ من ركب معي ، وقد لاحظتم أن كلا الفعلين كان باختيارهم وبإرادتهم وأن التخيير صار مني لهم . ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس ) الذرء بمعنى الخلق وفي الآية إشارة إلى أن جهنم غاية ونهاية لكثير من الخلق من الجن والإنس ، وليس لهذا فقط خلقهم الله ؛ بل أن المعلوم والواجب من رحمته سبحانه وتعالى أنه خلقهم ليربحوا عليه وليسكنوا دار نعيمه ورحمته لا أن يخلقهم ليعذبهم ، ولكن هذه النتيجة أتت لقاعدة تشريعية وتكوينية وعقلائية وهي أن المحسن يكون جزاؤه فيه الرحمة وأن المسيئ يكون جزاؤه من نوع عمله ( أن الله خلق الجنة لمن أطاعه وخلق النار لمن عصاه ) وأن لازم التطبيق لهذه القاعدة ، جعلهم لجهنم ما هو إلا نتيجة لسوء إختيارهم وهذه نتيجة لا غبن فيها . ومن اختار النار على الجنة فلأنهم ( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها ) ، فهم عطلوا الوظيفة الحقيقية للحواس وهي المساعدة على الدلالة إلى الطريق القويم ولكنهم جعلوها للحياة الشهوانية البهيمية فصاروا ( كالأنعام ) ؛ لأن الأنعام وظيفة حواسها الدلالة على شهواتها كالاكل والسفاد ، ولما تقمص بعض البشر هذه الوظيفة صاروا ( أضل أولئك هم الغافلون ) . تلخيص الأستاذ يوسف البراهيم ( أبو يعقوب )