عرض مشاركة واحدة
قديم 13-02-2013, 04:27 PM   رقم المشاركة : 18
الوعد
الأستاذ طاهر الخلف
طالب علم
 
الصورة الرمزية الوعد
 







افتراضي رد: أحوال يوم التاسع من ربيع ـ الأستاذ طاهر علي الخلف

بسم الله الرحمن الرحيم ..


السلام عليكم جميعا ورحمة الله .. الشكر لجميع الردود الموافقة والمخالفة ،، فإننا على منهج المحبة نجتمع والولاء نلتقي ..

قبل الرد على بعض ما كتب في هذه الردود ، سأبين بعض الملاحظات – التي أراها ذات أهمية - :
أولا : يجب أن لا يربط موضوعنا بأي تفريعات أخرى جانبية ، فأصل النقاش حول رواية يتمحور الكلام في ثبوتها أو عدم ثبوتها ، والأمر الآخر هو ما أشارت إليه الرواية نفسها حول أن مقتل الخليفة الثاني كان في التاسع من ربيع الأول في صحة هذا الزعم من عدمه .
ثانيا : قد يظن البعض أن البراءة هي السب والشتم وإظهار اللعن ، لكن ذلك قصور في فهم البراءة ، فكما أن الولاء لأهل البيت عليهم السلام ليس في الشعارات وإظهار ألفاظ المحبة فقط ، وإنما في إتباع منهجهم وسيرتهم عليهم السلام كما صرحت كثير من الروايات مثل ما ورد عن الصادق عليه السلام ( ليس من شيعتنا من قال بلسانه ، وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ) ، كذلك البراءة فهي في الأصل ترك أعمال المخالفين وعدم إتباع سلوكهم ، ولذا فنحن براء من كل ظلم ومخالفة وقع على أهل البيت عليهم السلام ومن كل ظالم لهم ، أؤوكد ذلك حتى أرفع التفهمة عن من يظن ظن السوء ..
ثالثا : لم أكن ذا رغبة من الأصل النقاش في هذا الموضوع – ولذا تأخر الرد – لكن إلحاح البعض اضطرني لهذا التوضيح وكذلك من أجل قراءة كتاب ( فصل الخطاب .. ) ، وفي الوقت نفسه لا يعنيني أن عمر مات في هذا اليوم أو لم يمت ، بقدر ما يعنيني أننا لا نأتي بروايات ضعيفة وننسبها لأهل البيت العصمة والطهارة .
وفي هذا المجال أذكر مقولة السيد محمد حسين آل كاشف الغطاء : ( وأقول أيضاويحتمل أن يكون سبب فرحة الزهراء (عليها السلام) هو أن اليوم التاسع والعاشر منربيع الأول هو يوم اقتران أبيها رسول الله (ص) سيد الكائنات بوالدتها الطاهرة خديجة الكبرى ، ولا شك أن الزهراء كانت تظهر الفرح والسرور بذلك اليوم من كل سنة افتخاراًبذلك الشرف العظيم والخير العميم، ويكون قد بقيت عادة إظهار هذا الفرح متوارثاً عندمواليها من الشيعة في ذلك اليوم كلّ سنة، ولكن على مرور السنين جهلوا السبب ثم حورهبعض الدساسين إلى غير وجهه الصحيح، وبقي الاسم معروفاً عندهم هو فرحة الزهراء (عليها السلام) والسبب مجهول ) .
فيا ليت القارئ يتنبه لعبارة ( ولكن على مرور السنين جهلوا السبب ، ثم حوّره بعض الدساسين إلى غير وجهه الصحيح ... ) ! .

بعد هذه المقدمة أشير إلى مسألة مهمة ، قد أثار فصولها أخونا ( مختلف ) وهي طلبه منا قراءة كتاب ( فصل الخطاب في تاريخ مقتل ابن الخطاب ، لمؤلفه : أبو الحسين الخوئيني ) .
وهنا لا أدعي أنني من أصحاب النظر والتحقيق في هذا المجال ، بقدر ما أعتبر نفسي متتبع للآراء – بقدر استطاعتي - ونقلتها وقارنت بعضها ببعض ، فمن يشكل عليّ بقول فهو يشكل على صاحب القول وليس عليّ أنا . وهنا سأورد ، أقوال وفاة الخليفة الثاني ومستنده باختصار ، ثم مناقشة بعض ما جاء به صاحب الكتاب المذكور .



فمن يقول بأن وفاة الرجل شهر ذي الحجة ، كمثال :
1- الشيخ المفيد ، في كتابه ( مسار الشيعة )
2- ابن ادريس الحلي ، فيكتابه ( السرائر )
3- الكفعمي ، في كتابه ( المصباح )
4- الشيخ الأنصاري ، فيتقريره ( كتاب الطهارة )
5- الشيخ كاشف الغطاء ، في مقالة فيالموقع
6- السيد الخوئي ، في تقريره ( كتاب الطهارة )
ومستند هؤلاء الشهرة بين المؤرخين عند الطائفتين أو الإجماع أيضا .

ومن يقول بأن وفاة الرجل في شهر ربيع الأول :
1- الشيخ حسين الحلي ، فيكتابه ( المحتضر ) .
2- السيد صادق الشيرازي ، في محاضرة لهبالموقع .
3- الشيخ جعفر مرتضى العاملي ، فيكتابه ( الصحيح من سيرة الإمام علي – ج14 ) – مال إليه ولم يتبناه جزما.
4- الشيخ الخوئيني ، في كتابه ( فصل الخطاب ) .
ومستند هؤلاء إما الرواية أو الحسابات التاريخية .


إذا أردنا مناقشة الأقوال المخالفة للمشهور ، فإننا بغض النظر عن رأي كاتب هذه السطور وموقفه منها ، نترك المجال للقارئ الحصيف دور المحاكمة والترجيح بينها ،،،

- بدءا ، نستعرض مناقشة القول الذي استدل بالرواية ، كالحلي في ( المحتضر ) ، فإننا نقول بلا إطالة :
أولا : أنها رواية آحاد ، ورواية الآحاد لا تفيد يقينا أو علما ، وإنما كل ما تفيده فهو الظن ، وهي منجزة للحكم الشرعي كما يقول علماء الأصول ، وليس للحقائق التاريخية أو العقائدية – على تفصيل ليس محله هنا - .
ومن الغريب أن يزايد بعض من يكتب أو يتحدث في هذا الموضوع ، ويذكر أن هناك مصادر متعددة أو روايات متعددة ، والحقيقة أنها رواية واحدة تنتهي إلى الشيخ أحمد ابن إسحاق حتى لو تعددت الكتب فهي واحدة .
ثانيا : أن الرواية ضعيفة أو مقطوعة السند أيضا في بعض مصادرها ، وهذا بشهادة العلماء أمثال السيد صادق الشيرازي والروحاني ، والموقع التابع للسيد السيستاني ( راجع موقع : مركز الأبحاث العقائدية ) .

- ثم نستعرض مناقشة القول الذي استدل بالحسابات التاريخية كصاحب كتاب ( فصل الخطاب في مقتل ابن أبي الخطاب ) وكذا صاحب ( الصحيح من السيرة الإمام علي عليه السلام ) .
ما هو ملخص فكرة الحسابات التاريخية ؟
إذا رجعت إلى كتاب الصحيح من السيرة ج14 الفصل السادس ، وكتاب فصل الخطاب الفصل الثاني الدليل الرابع ، ( من أراد التفصيل يرجع إلى الكتابين ) تجد ما ملخصه :
بما أن وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الإجماع ( بين نهاية صفر – الشيعة ، وبداية ربيع الأول – السنة ) ، وأن مدة حكم الخليفتين أبوبكر وعمر ثلاثة عشر سنة ، فلا بد أن تكون وفاة عمر أقرب لشهر ربيع الأول ، وليس شهر ذي الحجة ، وما قول المؤرخين أن وفاته في شهر ذي الحجة إلا توهين للحقيقة ولذلك لم يلتفتوا إلى تلك الحسابات .
ويؤكد هذه النظرية ، اتفاق علماء ومؤرخي السنة أن مدة خلافة أبي بكر هي سنتين وستة أشهر ، فعليه تكون وفاته في شعبان أو رمضان ، وأن مدة خلافة عمر عشر سنوات وستة أشهر وأيام ، فهذا يؤكد أن المجموع ثلاثة عشر سنة من وفاة النبي ، وهو الأقرب إلى التاسع من ربيع الأول .
وللتسهيل على القارئ ، نقوم بعملية رياضية :
عندما ::: خلافة أبو بكر 2سنة و6 أشهر أو 7 أشهر + خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر و8 أيام = 13 سنة تقريبا و8 أيام
ثم ::: وفاة النبي 28 صفر + 13 سنة و8 أيام = في حدود 9 ربيع الأول ، مع ملاحظة حسابات اليوم بين الليل والنهار واختلاف وصول الخبر بين اليوم والليلة .

لقد قرأت رأي المحقق العاملي – حفظه الله – منذ زمن ، لكن لم يستوقفني الرأي لمخالفته المشهور ، لكني بقد قراءة كتاب ( فصل الخطاب ) حيث جاء بتفاصيل أكثر ، حدث لي شيئ من القناعة بالتحليل التاريخي والحسابات الدقيقة التي استحضرها ، فقلت لعل شهرة القول الأول بأن وفاته في ذي الحجة كانت من المشهور الذي لا أصل له .
لكن لم ينتهي البحث عند هذا الحد ، فقلت في نفسي : لماذا لا أرجع إلى بعض الكتب التاريخية للسنة لعلي أجد فيها قولا آخر ، وهذا ما حصل فعلا .. وإليك بيان ذلك :
من يقرأ كتاب ( فصل الخطاب ) تجده يستعرض أقوال كثيرة للمؤرخين السنة بما يشبه الإجماع أن مدة خلافة الشيخين ثلاثة عشر سنة ، وأن خلافة أبي بكر بالخصوص كانت سنتين وستة أشهر ..
لكني بعد المراجعة كانت المفاجئة ، فلم يكن ذلك مجمعا عليه ! ولم يكن ذلك الأمر غفلة من المؤرخين ، وإذا كان البعض غافل عن تلك الحسابات فالبعض كان ملتفتا إليها ، بل للصراحة أقول أن ما نقله صاحب كتاب ( فصل الخطاب ) لم يكن استقراءا كاملا ، فقد استعرض ثمانية آراء تقول بأن مدة خلافة أبي بكر سنتين وستة أشهر ، ولم يذكر الآراء التي تقول بأن مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر رغم صراحتها ووضوحها ... فيبطل ما استدل به ، حسب القاعدة المنطقية القائلة ( النتيجة تتبع أخس المقدمات ) ..
وهنا أنقل من يخالف تلك الآراء ، وإذا طبقت عليها دليل الحسابات التاريخية ، سيثبت لديك أن وفاة عمر كانت في شهر ذي الحجة وليس في ربيع الأول ..
ففي كتاب : تاريخ الإسلام للذهبي – ج3 ، يقول : في أحداث سنة ثلاثة عشر ( وفيها توفي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق لثمان بقين من جمادى الآخرة ... )
وفي كتاب : الكامل في التاريخ – لابن الأثير – ج2 ، يقول : في أحداث سنة ثلاثة عشر ( كانت وفاة أبي بكر رضي الله عنه ، لثمان بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وهو الصحيح .. وقيل غير ذلك .. ) وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال ، وقيل كانت سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال ..
وفي نفس الكتاب -ج3 ، يقول : في أحداث سنة ثلاث وعشرين ، قال ( توفي -عمر بن الخطاب- ليلة الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، وقيل طعن يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة أربع وعشرين ... وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ، وقيل كانت وفاته لأربع بقين من ذي الحجة وتكون ولايته على هذا القول عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام .. ) .
نطبق العملية الرياضية التي طبقناها سابقا :
عندما ::: خلافة أبو بكر 2سنة و3 أشهر وأيام + خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر و8 أيام = 12 سنة و 8 أشهر وأيام
ثم ::: وفاة النبي 28 صفر + 12 سنة و 8 أشهر وأيام = في نهاية ذي الحجة ، مع ملاحظة حسابات اليوم بين الليل والنهار واختلاف وصول الخبر ، والفرق بين يوم القتل والوفاة .

أخيرا :: مع هذا القول ، يبقى الاحتمال بكون مقتل عمر في ذي الحجة واقعا ومنطقيا بدليل الحسابات التاريخية والمشهور بين جميع المؤرخين ، والقول بكون مقتله في التاسع من ربيع غير مؤكد بل هو محتمل !!

وجه لي الأخ ( مختلف ) سؤالا بقوله : وعندي سؤال آخر للأستاذ الفاضل ، هل ما توصلتم له من نتيجة هل يجوز لغيرك نقدكومعارضتك ؟ ويكون البحث علميا بحتا فلك رأيك وللآخر رأيه ، يعني أنت تنقح هذهالمسألة فهل يمكن لغيرك تنقيح كلامك ونتائجه أم لا ؟؟؟
الجواب : بكل رحابة صدر ، نعم ، نعم ، نعم ..
فهي ليست قضية من العقيدة أو السلوك الأخلاقي ، حتى يصعب تغييرها أو تبديلها .. هي مجرد ثبوت واقعة أو عدم ثبوتها لا أكثر ولا أقل ..ولا يمنع من تبدل الرأي لو وجد الدليل الصحيح الصريح .
ثم وجه سؤالا آخر ، بقوله : فكيف تطرح رأيك ونتيجتك وأوراق بحثك لم تكتمل ؟!
الجواب : مجرد طرحها في المنتدى ، وفي هذا الموقع بالخصوص هو طرح للمناقشة والأخذ والرد ، وثانيا لو رجعت إلى المقال لا تجد في النهاية رأيا وإنما هو استعراض للآراء وللقارئ أن يختار ويميز ، وثالثا أنها ليست مسألة في الفقه حتى يمكن للقارئ أو المتتبع أن يبني عليها حكما مخالفا لحكم الله ورسوله .. فأنا أؤوكد أنها لا تعدو كونها قضية تاريخية ...

واسمح لي أخيرا ، أسألك وأطلب منك :
السؤال : هل قرأت كتاب ( فصل الخطاب ... ) قراءة المدقق الناظر ؟ وهل يمكنك تغيير كلامك وتنقيح رأيك كما سألتني ذلك ؟
الطلب : أتمنى أن تقرأ ما كتبت ، مجردا عن الأحكام المسبقة والخلفيات الغيرية . فأنا لست مسؤولا عن ما يكتبه غيري ، أو يعلق آخر على ما كتبت موافقة أو اعتراضا .


ولك خالص المحبة والتقدير

 

 

الوعد غير متصل   رد مع اقتباس