يوجد مايُسمى في شرع الحُب .. حُباً من طرف واحد , وكلنا نعلمه بل .. و الغالبية منا عاشه .. و تلوع فيّه وهام .. و أرتحل على جناحيّه , لكن أنا .. أحببت حُباً " مبتوراً " .. مشوهاً مات قبل أن يَلد .. مات لا يبكي عليه أحد وحيداً .. ..
كنت بعمر 18 صيفاً بحكم أننا لا نعرف الربيع .. أسمع عن قصص الحب .. وعن نهايتها .. أستمع لأغاني الحُب وبالطبع لا أستمتع بها , كنت أظن هذا الحب طائراً لا يروق لهُ عِش قلبي .. أو طفلاً لا يرى فيني حضن دافئ .. لكن هذا لم يدم طويلاً .. وصَدق من قال " أن الحب ضرباً من الجنونِ .. و الفنونَ " .. في إحدى الليالي .. القاتمه السابحه في بِحور الملل , مٌستلقياً بل قُل منكفأً .. في غرفتي .. أقرأ حينها كتاباً ل " غابرييل ماركييز " أسمهُ .. " مائة عام من العزلة " .. رن هاتفي .. مٌستعرضاً رقماً غريباً .. لم يتعرف عليّه ولم أتعرف عليه أنا أيضاً .. تجاهلّته .. لكن أصر على الطلب .. .. رفعتُ السماعة .. وإذا بصوت ساحراً رخيماً .. هادئاً .. صاخباً بالجمالِ .. شديد البرودة حنيةً .. دافئُ لهفة .. .. :
الرقم الغريب : السلام عليكم ..
أنا : .. عليكم السلام و رحمة من الله و بركاتهُ ..
الرقم الغريب : كيف حالك ؟
أنا : بالطبع بخيّر .. فمن يتجرع صوتاً لا يعرف السقم
الرقم الغريب : .. وش ؟ عسى ماشر ؟
أنا : لا شر يأتي من أبواب الخير ,
الرقم الغريب : أنت صاحي ولا سكران يا قليل الأدب ؟
أنا : تبين الجد .. الآن عرفت معنى " أبو نواس " حين قال :
صفراءُ لا تعرفُ الأحزان ساحتها .. لو مسّها شراً مستهُ سراءُ
الرقم الغريب : ماشاء الله و شاعر كمان ؟ .. أقلك هذا جوال .. تركي ؟
أنا : بِحق رب الأتراكِ و الغربُ و العَربُ .. تمنيتُ بأن أكونَ تُركياً !
الرقم الغريب : .. يعني مو انت ؟ .. يالله اجل مع السلامه .. " وأغلقت السماعه "
حينها فقط .. شعرتُ .. بإشارات عقلي .. توقفت و أصبح قلبي مُسيطراً .. على تِلك الوظيفة ..
و تحولت إلى كائن .. غارقاً .. بهذا الصوت , رغم أنه صوت إلا أنه تشكل لي .. بأجمل ملامح البشر .. بل و تحول إلى أحاسيس .. فاقت حنان الأمومه .. و أمان الأب .. و مجاورة الأخ .. و نسمة الأخت .. , حاولت .. أنا أقف على " قلبي " ولم أستطع .. بِلا وعي قمت بالإتصال مرة آخرى .. ..
أنا : ألو ..
الرقم الغريب : وش تبي ؟
أنا : .. تبين تركي ؟
الرقم الغريب : بالله عليك ؟ تستهبل أنت ؟
أنا : لا ... لكن , لأجد سبب في الحديث معك ..
الرقم الغريب : وَ وقح كمان و كذاب .. ؟
أنا : الكذب في شرع من تُحب .. صِدقاً , و الوقاحة جزء .. لا يتجزأ .. فيها ..
الرقم الغريب : .. في شرع من تُحب ؟ .. ياسلام عليك أمداك تحب .. ؟
أنا : ألم يقولوا .. الأذن قبل العينٌ تعشق أحياناً ..
الرقم الغريب : أنت شكلك .. ماتربيت .. أو أنك فعلاً مسكين ماشفت خير .. " أغلقت السماعة "
هذا .. ما دار بيننا .. فقط .. و أصبحتُ .. أحبها , .. بل أعشقها .. فهي أصبحت مٌتسيّدة ما أكتبه خلف الأوراق وهي من على الأوراق بل هي الأوراق .. لكن أنت أقول أنها ستعود لي و س يحنُ .. قلبهاً يوماً , ... و المشكلة التي .. فهمتها .. بعد حين , أن لا يوجد شيئ لتعود لي من أجله .. لا شكلاً و لا طولاً و منطقاً حتى .. و أنتظرت مُدة شهرين .. وحينها .. تجرأت بالإتصال .. لأجد الجواب بِلا تأخير " أن الهاتف .. مفصول عن الخدمة مؤقتاً " و مؤقتاً أصبحت دائمه .. بالتالي .. تلاشت جميع الأفكار .. و الآمال .. بل و الحلول ... .. ولعل أجمل تعليق .. اتى من إحد الأصدقاء حين قال " أنت سبيكه ؟ .. نعنبو بليسك .. حبيتها يا روميو في دقيقتين .. .. ألبخ بس .. " .. !!
مخرج :
بودعك .... بودعك ...
بصمت مرُ انا ضيف ومَر
عطشان وسقيته محبتك ما ..... اكرهك ...
بودعك .. بودعك ...
انا اسمي صبر على رهن عمر
انا حبي سهران بيحرسك في سكتك
الله الله معك ..