حديث
خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية
السند
ضعيف كما نص على ذلك العلامة المجلسي
المصدر
روى هذا الحديث بهذا اللفظ ثقة الإسلام الكليني في الكافي الشريف
اتفاق لغوي
وردت كلمة ( جواني وبراني ) في حديث آخر يرويه كافة المسلمين
فقد روت الشيعة عن رسول الله (ص)
وروت السنة عن الأمير وسلمان ما معناه
ما من عبد إلا وله جواني وبراني
فمن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه
ومن أفسد جوانيه أفسد الله عليه برانيه
توضيح لغوي
البراني كناية عن الظاهر
الجواني كناية عن الباطن
فالبراني مأخوذة من كلمة ( بر ) وهي الصحراء وفيه إشارة ودلالة على خارج الشيء
والجواني مأخوذة من ( جو ) وهو وسط المنزل وفيه دلالة على باطن الشيء
وإذا أردت أن أنسب شيء إلى الـ ( بر ) فإنني أقول " بَرِّيٌّ "
ولزيادة التوكيد أقول ( براني )
كما أقول في نسبة الشخص إلى الروح ( روحي )
ولزيادة التوكيد فإنني أقول " روحاني "
وكما قلنا في البر نقول في الجو
فنقول " جوِّيّ " ولزيادة التوكيد نقول " جواني "
وهنا يأتي سؤال
هل زيادة الألف والنون في ( براني وجواني ) للتوكيد أو للنسب ؟؟
هذا سؤال لغوي محض والإجابة عليه لغوية بحتة
والإجابة باختصار
الألف والنون حسب ما أراه للتوكيد وللنسب في آن
شرح الحديث
الحديث في مورد بيان أحد مواضع التقية
والتقية أصل أصيل نص عليه القرآن إذ قال
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير
وقد نقل الفخر الرازي في تفسيره أن الشافعي يرى جواز التقية فيما بين المسلم والآخر
وذلك إذا شاكلت حالتهم حالة المسلم مع غير المسلم
كما لو ترتب على إفصاحه عن معتقده وفكره حصول الخطر وتهديد الحياة
فإن التقية على رأي الشافعي تجوز بين المسلمين
والشيعة على مر العصور كانت أرواحهم مهددة ودماؤهم مستباحة من قبل قوم يرفعون راية الإسلام
وفي سنة 407 من الهجرة الشريفة ما تندى له جبين البشرية جمعاء
مما يدلل على حجم الجرائم التي أرتكبت بحق قوم يشهدون الشهادتين
فقد كانت بلاد أفريقيا تحت قبضة المعز بن باديس
وحصل أن المسؤول عن القيروان عَلِم أن المعز يريد عزله عنها
فأحدث هذا المسؤول فوضى كبيرة في القيروان
وأراد أن يفسد خطط المعز
فترك عامة الناس يكثرون القتل في الشيعة
فَقَتلوا بعضهم بالسيوف وأحرقوا البعض الآخر
وهربت جماعة من الشيعة وتحصنوا في أحد القصور
فحاصروهم وقطعوا عنهم الماء والغذاء
فلما اشتد بهم الجوع والعطش بدأ بعضهم يخرج من القصر
والناس تتلقاهم خارج القصر ويذبحونهم ذبحنا
حتى قَتَلوا جميع الشيعة في بلاد أفريقيا
وهذه الحادثة قرأتها أيام مراهقتي ولكنها بقيت راسخة في ذهني لشدة وقعها على نفسي وقلبي
وبإمكان الجميع أن يرجعوا لكتاب " الكامل في التاريخ " في أحداث سنة 407 وسيرون تفاصيل المجزرة الأليمة
وبسبب هذه الأوضاع المأساوية التي عاشتها طائفة كاملة من المسلمين جاءت الرواية لتقول للشيعة خاصة
خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية
ومعنى ذلك أن الإمارة إذا كان يمسكها صبيا
أو كان يمسكها أهل السفاهة والعقل البسيط
أو كان الحكم معتمدا على الأهواء الباطلة المشابهة للعب الصبيان
فعليكم بمخالطة هؤلاء الأمراء والحكام بموافقتهم ظاهريا
ومخالفتهم باطنيا في حال ترتب حصول الفساد على ترك التقية
فالحديث وإن كان من ناحية السند ضعيف إلا أنه سليم صحيح من حيث دلالته
والسلام عليكم
المصدر : من كتابات الأستاذ هاني العيد
*