منتديات الطرف

منتديات الطرف (www.altaraf.com/vb/index.php)
-   واحة النقاش والحوار الجاد (www.altaraf.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   انتبه طباعك قابله للتغير (www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=30900)

كونان 18-07-2006 07:27 AM

انتبه طباعك قابله للتغير
 
الســــــــــــــــــــــــ عليكم ــــلام
انتبه .. طباعك قابلة للتغيير

تسمع من بعض الناس قولهم : «العادة التي في البدن لا يغيّرها إلاّ الكفن» ، وتسمع من آخرين : «مَنْ شبّ على شيء شاب عليه» ، ومن طائفة ثالثة : «تغيير النهر من مجراه أسهل من تغيير الطباع» ، ومثله : «ما تأخذه مع الحليب لا يخرج إلاّ مع النفس» ، وهناك مَنْ يلخّص ذلك كلّه بقوله : «اطرد الطبع من الباب يدخل من الشباك» !!
هذه الأقوال والأمثال وما شاكلها تريد أن تقول أن : «للعادة قميصاً من حديد» !
هل قميص العادة أو الطبع حديدي لا يفلّ ولا يُكسر ؟
هل الطبع مقيمٌ دائم لا يغادر منزله أبداً ؟
هل طباع وعادات الطفولة والصبا والشباب ـ خبيثها وطيّبها ـ لا تتغيّر ولا تزول إلاّ إذا زالت النفس من الجسد عند الموت ؟
هل الطباع عصيّة على التغيير إلى هذا الحدّ ؟
الأمثال والأقوال السابقة تجيب بـ (نعم) فهي لا ترى الطبع أو العادة إلاّ قدراً مقدوراً ولا يغيّر الأقدار إلاّ مقدّرها ، أي أنّ التغيير ـ حسب وجهة نظر هؤلاء ـ عملية خارجية ليست بيد الانسان .
لكنّنا نخالف تلك الأقوال ونقول : إنّ عملية التبديل والتغيير ممكنة رغم ما يعترضها أو يكتنفها من صعوبات .
هذا مجرد ادّعاء ، والادّعاء ـ كما هو معلوم ـ يحتاج إلى إثبات .
في هذه الحلقة من (منتدى الشباب) نحاول الإجابة ، أو إثبات ادعائنا أنّ تبديل الطباع من السيِّئ إلى الحسن ممكن .

نظـرة مغايـرة :
حتى تغيّر شيئاً اُنظر إليه نظرة مغايرة ، لأنّ النظرة التقليدية تجعلك تقتنع بما أنت فيه فلا ترى حاجة للتغيير .. ذلك أنّ أيّة عملية تغيير أو تبديل في أيّ طبع أو عادة تحتاج إلى شعور داخلي أن هذا الطبع أو العادة ليسا صالحين ولا بدّ من تغييرهما .
دعنا ـ في البداية ـ نطرح عليك بعض الأسئلة :
ـ هل جرّبت أن تعدّل سلوكاً معيناً إثر تعرّضك إلى نقد شديد ؟
ـ هل قرأت مقالة ، أو حديثاً ، أو حكمة ، أو قصّة ذات عبرة ودلالة ، فتأمّلتها جيِّداً ، وإذا بها تحدث في كيانك هزّة ، لتعيد النظر على ضوئها في أفكارك أو تصرّفاتك ؟
ـ هل التقيت ـ ذات مرّة ـ بشخص غير اعتيادي ، وحينما حادثته شعرت أنّ لأفكاره قابلية النفوذ إلى قلبك وعقلك ، أو أنّ سلوكه من التهذيب والنزاهة والاستقامة ما يجعلك أن تتأسّى به ؟ بل وتعيد حساباتك القديمة ؟
ـ هل حدث أن مشيت في طريق لمسافة طويلة ، ثمّ اكتشفت أنّ هذه الطريق ليست الطريق التي تريدها ، ولا هي التي توصلك إلى هدفك ، ورغم معاناتك في السير الطويل وتعبك الشديد ، تقرّر أن تسلك طريقاً أخرى تهديك إلى ما تريد ؟
ـ هل سبق أن كوّنت قناعة معيّنة حول شيء ما ، وقد بدت لبعض الوقت ثابتة لا تتغيّر لكن وقع ما جعلك تراجع قناعتك .. كفشل في تجربة ، أو تعرّضك لصدمة فكرية أو روحية ، أو تشكّلت لديك قناعة جديدة إمّا جرّاء الدراسة والبحث ، أو من خلال اللقاء بأناس أثّروا في حياتك ، فلم تُكابر ولم تتعصب تعصب الجاهلين ، لأ نّك رأيت القناعة المغايرة الأخرى أسلم وأرشد وأهدى ؟
ـ هل سكنتَ في منطقة ، أو بقعة من الأرض ، لفترة طويلة فألفتها وأحببتها وتعلّقت بها لأ نّها كانت مرتعاً لذكرياتك، ثمّ حصل ما جعلك تهاجر منها أو تستبدل بها غيرها لظروف ذاتية أو خارجية ، وإذا بك تألف المكان الجديد ، وقد تجد فيه طيب الإقامة وحسن الجوار ؟
إذا لم تكن ـ لحدّ الآن ـ تعرّضتَ لأيّ من الحالات السابقة ، فالحياة كفيلة بتغيير بعض قناعاتك ، وبعض أفكارك ، وبعض السبل أو الوسائل التي تعتمدها في حياتك ، وبعض الطباع التي أدمنتها وداومت عليها .
تغيير القناعات أمر طبيعيّ ، ويدلّل في الكثير من الحالات على درجة من النضج والوعي والمرونة .
دعنا نراجع الأمثال السابقة من وجهة نظر أخرى ، وقبل ذلك نسأل :
ـ هل الأقوال المارّة الذكر مقدّسة لا تقبل النقد أو الطعن ؟
ـ هل هي توقيفية((1 )) أي وقفت على معنى ثابت لا يتغيّر ؟
إذا لم تكن لا هذا وذاك فهي قابلة للنقد والنقاش والطعن والتفنيد وربّما التعديل .
إنّ العادة التي في البدن قد تكون مادّية كالشراهة في الأكل ، وقد تكون معنوية كالكذب . وبالرغم أنّ الاعتياد والإدمان يجعل الترك أو التخلّي والتخلّص من هذه العادات صعباً عليك ، لكن بإمكانك أن تسأل الكثير من الشرهين والشرهات الذين كسروا هذه العادة ، وقنّنوا وانتظموا واعتدلوا في طعامهم ، ولك أن تسأل عن كيفية نجاحهم .
لا شكّ أن تمارين التقنين الغذائي (الرجيم) التي التزمها بعض الرجال وبعض النساء أتت بنتائج باهرة ، إذ مَنْ كان يتصوّر أنّ الذي فاق وزنه المائة كيلوغرام يغدو رشيقاً إلى هذا الحدّ ؟
وتلك البدينة التي أثقلها حملها من اللحوم والشحوم ، مَنْ يصدّق أنّها هذه التي أصبحت خفيفة لطيفة ؟
ـ كيف نجحوا ؟
ـ بالإرادة !
وحتى الكذب ، أو أيّة خصلة سيِّئة أخرى ، حينما عقد المبتلون بها العزم على معالجتها والقضاء عليها ، وصدقوا في عزمهم وقرارهم ، استهجنوا تلك الخصال الذميمة ، وعملوا على استبدالها بأضدادها ، وندموا على الماضي الملوّث بها ، وعادوا انقياء منها كما هو الثوبُ الملوّث بعد الغسل .
أمّا مقولة «مَنْ شبّ على شيء شاب عليه» فقد أسيء فهمها ، وتركزت النظرةُ إليها في الجانب السلبيّ ، أي مَنْ اعتاد على خصلة ذميمة في شبابه فإنّها ستلازمه حتى مشيبه ، والحال أنّ المقولة أو الحديث ناظر إلى إهمال العادات والطباع وتركها لتستفحل دونما معالجة ، حتى لتصبح بعد حين جزءاً لا يتجزّأ من الجسد ، أي أنّ المقولة ليست قاعدة ثابتة أو قانوناً صارماً ، وإنّما هي توصيف لحالة استعباد العادة للشباب .
كما أنّ المقولة تحمل وجهاً آخر ، وهو أن اعتياد الأمور الإيجابية والخيّرة ، والمواظبة على الحسنات والأفعال الصالحة يجعل منها ملكات يصعب قلعها .
وأمّا الأمثال التي تصوّر الطبع أو العادة قميصاً من حديد ، والتي تبيّن استحالة تغيير الطباع بما يوحي بحالة من اليأس من ذلك ، فلا تصمد أمام النقد .
إنّ القميص الحديدي قابل للكسر والتقطيع إذا كانت النار الموجهة إليه حامية ، أو أن منشاراً كهربائياً سلّط عليه ، أو أنّ حديداً أقوى وأصلب منه يلويه ، ألم تقرأ في الأمثال «لا يفلّ الحديد إلاّ الحديد» .
إنّ ما يوصف بـ (الإرادة الحديدية) قابلة أن تكسر الطباع والعادات التي تبدو في الظاهر حديدية ، ودونك قصص أصحاب الإرادات الفولاذية وما صنعوا ، فتأمّل فيها((2 )) .



--------------------------------
( 1) نقول عن شيء أ نّه توقيفي إذا كانت الشريعة قد حددت له إطاراً ثابتاً لا يخرج عنه ولا يجوز تغييره أو تبديله أو التلاعب به ، فأسماء السور القرآنية توقيفية ، وترتيب السور كذلك ، فلا يحقّ لنا أن نجري عليها أي تعديل .-

( 2) إذا أجريت مقارنة بين أوضاع الناس وطباعهم وأفكارهم وعاداتهم في الجاهلية ، وبين أوضاعهم وطباعهم وأفكارهم وعاداتهم بعد ما دخلوا الاسلام ، يمكنك أن تعرف مدى قابلية الدين على تحريك الإرادة في تغيير كلّ شيء .


نظرة إلى عالم الحيوان والنبات :
مخلوقات الله من الكائنات الحيّة لها أكثر من فائدة ، فعلاوة على فوائدها المادية كالاستفادة من لحومها وألبانها وأصوافها وأوبارها وركوبها وزينتها ، فيها للمتأمّل المعتبر دروسٌ وعبر .
يُقال ، أو هكذا هي النظرة ، إنّ الحيوانات لا تغيّر طباعها ، فيقال مثلاً «فرخ البطّ عوّام» أي أ نّه يجيد السباحة والعوم في المياه لأ نّه مزوّد بأدوات تهيئه لذلك حتى ولو لم ير أمّه تعوم أمامه ، وإن كان لها دور في تعليمه العوم بسرعة أكبر .
وكذلك الطيور ، فما أن تنمو أجنحتها وينبت ريشها حتى تستعد للطيران . وهكذا في سائر الحيوان ، حتى قيل «تغيّر الحيّة جلدها لا طبعها» .
إنّ فرخ البط لا يغيّر قدرته على العوم ، لكنّه قادر ـ بعد ما يصبح معتمداً على نفسه ـ على السير في أماكن لم تكن أمّه تمشي فيها ، وعلى الأكل من أماكن لم تكن أمّه ترتادها ، وعلى أطعمة لم تكن تتناولها ، وكذلك الطير فهو يطير بجناحيه كأمّه وأبيه ، لكنّه لا يقف على نفس الأشجار أو الأسلاك التي كانت أمّه تقف عليها ، ولا يحلّق في نفس البقعة من الفضاء التي كانت تحلّق فيها .
ومن خلال ما تشاهده من أفلام الاستعراض (السيرك) ترى أنّ بعض الحيوانات لديها قدرات ـ ولو محدودة ـ لأنْ تتعلّم بعض المهارات ولو البسيطة ، وأنّها يمكن أن تلتزم ببعض التعليمات والتوجيهات التي تتلقاها من مربيها أو معلّمها . كما أنّ الطيور المهاجرة تعطيك انطباعاً عن أنّ ألفة المكان ليست قهرية ، فالطيور قد تألف أعشاشها لكنها تهجرها إلى غيرها أيضاً(( 3)) .
وما يقال عن الحيوان يقال عن الأشجار والنباتات أيضاً ، فالأشجار التي لا تنمو في بعض الأماكن إنّما يحول الجوّ أو الطقس دون نموّها ، وإلاّ إذا توفّر لها المناخ المناسب والتربة الصالحة فإنّها يمكن أن تنمو في غير موطنها الأصليّ . والهندسة الوراثية اليوم تغيّر الكثير من طباع النباتات والخضار والفواكه ، بما أودع الله فيها من قابلية لذلك ، فلم يعد شكل البطيخة دائرياً أو بيضوياً بالضرورة فهو الآن مربّع يشبه الطابوقة ، ولم يعد طعم بعض الفواكه حامضاً أو حلواً ، فهو الآن حلوٌ وحامض .. وإلى ما شابه ذلك .
هذه الشواهد من عالم الأحياء الأخرى تعطينا ورقة إثبات أخرى أنّ لدى هذه الكائنات القابلية على التأقلم ولو النسبيّ .

التأقلم دليلٌ آخر :
الانسان بطبعه ألوف .. يألف ، ويؤلف .. يألف أرضه فيحبّها ، ويألف الانسان الذي يعاشره ردحاً من الزمن فيعزّ عليه مفارقته ، لكنّه ـ إلى جانب ذلك ـ مزوّد بقابلية التكيّف مع الأوضاع والحالات والأماكن والوجوه المختلفة .
التأقلمُ لطفٌ من الله ورحمة .
بدونه يقع الانسان ضحيّة الحزن والكآبة والقلق والخوف والنكوص والركود ومرض الحنين وإلى غير ذلك مما يصاب به الذين لم يتأقلموا ولم يجرّبوا التكيف مع المستجدات والمتغيرات .
بهِ .. يفتح الانسان صفحة جديدة .. يرى آفاقاً جديدة .. يتعلّم أموراً لم يسبق له أن تعلّمها ، وما كان له أن يتعلّمها لو بقي قابعاً في مكانه ، فالتكيّف يزيد من مرونته ، وصبره ، وعلمه ، فيصبح أكثر تعاطياً مع الحياة والأشياء والأشخاص والأحداث بوجوهها المختلفة .
التأقلم والتكيّف إذن دليلٌ آخر على أنّ الانسان قادر على أن يكسر الحواجز ، والأطر ، والقوالب ، والسدود .. قادر على أن يهندس وضعه وفق الشروط الجديدة ، وبمعنى آخر أنّ الانسان ـ بقدرته على التكيّف ـ يمتلك القدرة على التغيير .

الصوم محطّةٌ للتغيير :
على مدى (11) شهراً وأنت تعتاد نظام الوجبات الثلاث : فطور وغداء وعشاء .. فجأة يأتي شهر رمضان ليكسر العادة ويخرق المألوف .
في غيره من الشهور تتناول الأطعمة المحلّلة ، والامتناع فيه ليس عن الأطعمة المحرّمة وإنّما عن المحلّلة أيضاً .. فمن أين جئت بهذه القدرة ؟
هل هي قدرة خارقة واستثنائية وخارجة عن حدود الإمكان والإستطاعة ؟
بالطبع لا ، وإنّما أمر اللهُ بالصوم لأ نّه ضمن السعة والقابلية التي تتحملها طاقة الانسان (ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به )(4 ) ، (لا يكلِّف الله نفساً إلاّ وسعها )( 5) .
أنت إذن تقدّم شهادةً أو اثباتاً عن نفسك في شهر الصيام ، أنّ العادة ليست قميصاً من حديد ولا هي من حرير ، ولكنّها شيء قابل للكسر وللتغيير .

تمارين ترويض النفس :
البعض من الرجال والنساء والشبّان والفتيات يمارسون تمارين رياضية في تربية الإرادة ، وتقوية التحكّم بالنفس والسيطرة عليها ، وشعارهم الحديث الشريف : «أفضل الأعمال أحمزها» أي أشقّها وأصعبها ، والشجرة البرية أصلب عوداً وأكثر وقوداً . فهم قد يكونون بين خيارين : أحدهما سهل والآخر صعب فيختارون الصعب لأ نّهم بذلك يزيدون في متانة إرادتهم وتقوية عودها ، واكتساب المناعة واللياقة لمواجهة التحدّيات والشهوات والضغوط .
البعض مثلاً كان ينام في النهار لساعة أو ساعتين ، لكنّه قرّر أن يوقف هذه العادة ويلغيها من برنامجه اليوميّ .
شعر بالصداع ليوم أو يومين أو لبضعة أيام ، ثمّ ما هي إلاّ أيام أُخَر حتى اعتاد الوضع الجديد ، فرأى أنّ الصداع الذي ألمّ به بعد ترك عادة النوم ظهراً وهميّ ، أو أ نّه ردّ فعل طبيعيّ لترك عادة مستحكمة تحتاج إلى وقت حتى يزول تأثيرها .
البعض ترك الشاي .. وشعر أيضاً بالصداع .. لكنّه ما لبث أن قهر هذا الشعور وما لبث أن استقامت حياته بدون الشاي وكأنّ شيئاً لم يكن .
البعض ترك التدخين .. وشعر كذلك بالصداع والشوق إلى الدخان ، لكنّه تغلب عليه بالصبر والمران والمقاومة .
البعض كان إذا غيّر مكانَ نومهِ لا ينام ، بل إذا تغيّرت وسادته لا يأتيه النوم ويبقى أرقاً قلقاً حتى الصباح ، لكنّه بشيء من التصميم غلب هذه العادة وكسر هذا القيد .. جرّب أن ينام في غير فراشه وسريره .. أن ينام على الأرض ، وأن يضع أي شيء تحت رأسه حتى ولو كانت يده ، وربّما استغنى عن يده ونام بلا وسادة ..
في البداية تململ .. وتقلّب في ضجعته الجديدة عدّة مرّات .. لكنّه آلى على نفسه أن يتجاوز الحالة التي أسرته طويلاً .. ونجح .
هذه التمارين في تربية الإرادة والخروج على السائد والمألوف لا تتأطّر بالأمور المادّية فقط ، بل بكلّ شيء ، وهي دليل آخر نضيفه إلى أدلّتنا في أنّ تغيير الطباع والعادات ممكن ميسور .
وفي السياق نفسه ، يمكن الحديث عن (التلقين الذاتي) الذي قد يعتبره البعض خداعاً وتمويهاً وإيهاماً للنفس ، لكنّه سلاح مجرّب من أسلحة تغيير الطباع الذميمة والعادات السيِّئة .
فالنفسُ راغبةٌ إذا رغّبتها***وإن تُردُّ إلى قليل تقنع
إنّ قولك (سأحاول) ، (سأعمل) ، (سأبذل قصارى جهدي) (سأطبّق ما وعدت به) ، (سألتزم بما اتخذته من قرارات) قد يكون فيه شيء من التصميم على العمل ، لكنّ قولك : (أنا قادرٌ على فعل ذلك) أو (أعرفُ أنّ الأمر لا يخلو من صعوبة لكن بشيء من الصبر سأذلّل تلك الصعوبة) .. وخاطب نفسك : (ابذل جهداً آخر .. حاول ثانية .. خطوة أخرى وتصل ، لم يبق إلاّ القليل .. لستَ أقلّ من غيرك ممّن صمّموا فوصلوا إلى مبتغاهم .. كانت لديهم الإرادة وأنت تملكها .. ما ينقصك هو الإصرار على التنفيذ .. توكّل على الله فهو حسبك .. أليس الله بكاف عبده .. ما دام ذلك في عين الله فلا أبالي .. » إلخ .
هذه الطريقة من الإيحاء الذاتي تمنحك قوى معنوية إضافية ومواجهة نفسية تحتاج إليها في معارك الانتصار على الضعف والطباع الرديئة والعادات المخجلة



------------------------------------
( 3) وصف القرآن لعالم الحيوان بأ نّه أممٌ أمثالنا يوحي بأنّ ثمة مشتركات بين عالم الانسان وعالم الحيوان ، ولا شك أنّ الفروق كبيرة وكثيرة فالله سبحانه وتعالى كرّم بني آدم وخلقهم في أحسن تقويم ، لكن في عالم الحيوان من دروس القدرة على التغيير ما هو عبرة للانسان .

( 4) البقرة / 286 .
( 5) البقرة/ 286 .



أدوات التغيير :


لا يتغيّر الطبع أو العادة أو القناعة تغييراً تلقائياً عفوياً ، إذ لا بدّ من وجود أدوات للتغيير ، أهمّها :

1 ـ العقل :
إنّ إعمال العقل في أيّة مسألة من المسائل الفكرية أو الحياتية أو في الطبيعة الانسانية ، جديرٌ بأن يُحدث تحولاً فيها خاصّة إذا كان العقل متجرداً ويبحث بصدق عن إجابات مقنعة لأسئلته واستيضاحاته .
(إطرح أسئلتك وابحث عن أجوبتها واشغل عقلك بالتفكير ، وستجد أنّ التغيير في الانتظار) .

2 ـ الحواسّ :
تلعب الحواس (خاصّة السمع والنظر) دوراً مهماً في إحداث التغيير . فالسحرةُ رأوا بأمّ أعينهم أنّ عصا موسى (عليه السلام) ليست عصاً سحرية ، وإنّما هي آية ربّانية ، أي أنّ ثمة تواصلاً بين العين وبين العقل جعلهم يتغيّرون وهكذا الحال مع (بلقيس) .
أمّا (بشر الحافي) فالسمع هو الذي غيّره ، فلقد استمع إلى كلمة حقّ فهزّته من الأعماق وغيّرت مجرى حياته كلّها .
(مرّن حواسّك على التقاط الرسائل والإشارات المهمّة ، فإنّها نوافذ العقل للتغيير) .

3 ـ التجربة :
الذين اعتنقوا الاسلام من خلال اختلاطهم بالمسلمين وتعرّفهم على الاسلام عن كثب ، والاقتناع بأفكاره وتعاليمه ومناهجه من خلال أتباع هذا الدين وعلمائه ، كانوا قد لمسوا بالتجربة صدق المسلمين وإخلاصهم وسعادتهم ونبل أخلاقهم وتكافلهم وحريّتهم الحقيقية .
(استفد من تجاربك .. وظِّفها جيِّداً .. فإنّها بوابات التغيير) .

4 ـ القدوة :
للقدوة الصالحة أثر بالغ ودور كبير في إحداث التحولات الجذرية ، لأنّ الأفكار المجرّدة لا تؤثر لوحدها ، فإذا رآها الناس متحركة في الواقع ومتجسدة في أشخاص ساعد ذلك وشجّع على الاقتناع والاتباع .
(اتّخذ قدوة صالحة في حياتك .. لأ نّها ستغيّر الكثير من طباعك وعاداتك وأفكارك بشكل إيجابي) .

5 ـ التأمّل :
دعا الاسلام وشدّد على التفكير والتدبّر والتأمّل كسبل مهمّة في إحداث التغيير في الفكر والسلوك والعواطف .
إنّ تأمّل مشهد القبور الدوارس ينقلك إلى عالم آخر .. يذكّرك أنّ حياتك ذات أمد محدود ، وأن هناك حياة أخرى خيراً وأبقى ، وأ نّك ستنتقل من دار عمل ولا حساب إلى دار حساب ولا عمل ، ولذا قيل : «كفى بالموت واعظا» ، لأ نّه يهذب الكثير من الطباع .
كما أنّ التأمّل في مصير الظالمين وكراهية الناس للظلم وللنتائج الوخيمة المترتبة عليه ، يجعلك تفرّ منه ولا تتعامل به ، وتقف بوجه الذين يظلمون والذين يساندون الظلم .
(تأمّل في أي شيء ، وفي أي مشهد ، وفي كلّ حادثة ، وكل زمان ومكان ، وسيأتي التغيير مع التأمّل والاستغراق الفكري) .

6 ـ الاعتزال المؤقت :
وهو ما يصطلح عليه إسلامياً بـ (الإعتكاف) .. فأنت في خضمّ الحياة اليومية المتلاطمة قد لا تستطيع أن تراجع نفسك وتحاسبها ، ولكنّك إذا خلوت إلى نفسك بعيداً عن الجلبة والضوضاء والضجيج ، فإنّ صفاء عقلك وهدوءك النفسيّ ، واستجماع انتباهك ، قد يهديك إلى تحسين أوضاعك وتغيير بعضها كلية ، وإعادة النظر في القسم الآخر .
(اعطِ لنفسكَ فرصة الاعتزال المؤقت عن الناس .. وابدأ خلال ذلك مراجعة حساباتك ومحاسبة نفسك) .

7 ـ المحاسبة :
يؤكّد الاسلام على محاسبة المسلم لنفسه لأ نّها ـ أي المحاسبة ـ تنقّي النفس مما علق بها من شوائب ورواسب ، حتى اعتبر المقصّر في ذلك أو المهمل له ليس من المسلمين «ليس منّا مَنْ لم يحاسب نفسه في اليوم والليلة» .
المحاسبة هي استعراض الأعمال ونقدها ، فإذا رأيتَ خيراً استزدت منه ، وإذا رأيت شرّاً أو سوءاً أو تقصيراً تعوّذت منه وصمّمت على تفاديه ومعالجته وعدم اقترابه مستقبلاً .. وهل التغيير غيرُ هذا ؟
(حاسب نفسك على النوايا والأعمال والأهداف ، حتى تغيّر منطلقك ومسارك وغايتك إن كنت قد انحرفت عن الطريق الصحيح) .

8 ـ التلقين الذاتي :
وقد سبقت الإشارة إليه ، وهو أن توحي إلى نفسك أنّ هذا العمل صالح ولا بدّ أن أقبل عليه وآخذ به وآمر به أيضاً ، وأنّ هذا العمل غير صالح فلا بدّ أن أجتنبه وأمتنع عن تعاطيه وامنع مَنْ يتعاطاه .
النفس تلميذ عنيد .. لكنّك إذا درّبتها على الصائب والسليم وما هو حق وصدق مالت إليه واعتادته ، أي أن زمامها بيدك .
(أوحِ إلى ذاتك .. لقّنها .. أرسل إليها إشارات وإيعازات فعل الخير .. وادفع بإرادتك لتتعاون معها في تنفيذ ما تريد) .
عوامل مساعدة أخرى :
إضافة إلى الأدوات المهمّة السابقة ، فإنّ ثمة طرقاً أخرى نضعها بين يديك لتغيير الطبع السيِّئ ، والخلق المشين ، والتصرّف الأهوج ، والسلوك المعيب والفكر السقيم :


1 ـ إحمل شعارك في التغيير أينما كنت :
إذا كنت جادّاً في تغيير طباعك وعاداتك وأفكارك وسلوكك ليكن شعارك «ما ضعف بدن عمّا قويت عليه النيّة» . أي أنّ عزمك على فعل شيء أو تركه هو القوّة الدافعة والمحرّكة ، فإذا كان عزمك وتصميمك قويين استجاب البدن لأوامرهما وانصاع .

2 ـ إقرأ تجارب غيرك ممّن قرّروا ونجحوا :
تجارب الذين حاولوا تغيير طباعهم ونجحوا تنفعك في معرفة الطرق التي استخدموها للوصول إلى التغيير ، وفي الإرادة التي استقووا بها على انجاز خطوات التغيير وبلوغ النتائج المذهلة .

3 ـ إن تجربة واحدة ناجحة مغرية :
إذا جرّبت أن تغيّر سلوكاً أو طبعاً معيناً ، أو كسرت عادة مألوفة فلم تعد أسيرها ولم تعد تستعبدك ، فإنّ ذلك يعني أنّ لديك القدرة على تغيير سلوك آخر واجتناب عادة أخرى ، كما يعني أنّ إرادتك قويّة ، وإنّك أنت الذي بتّ تتحكّم بنفسك وغرائزك وشهواتك ، لا هي التي تتحكّم فيك ، وفي الحديث : «خالف هواك ترشد» .

4 ـ ابتعد عن خائري العزائم :
الطبع يكتسب من الطبع ، فكما أنّ معاشرة الضعفاء ومسلوبي الإرادة تنقل عدوى الضعف والانهيار ، فكذلك معاشرة الأقوياء وأصحاب العزائم تنقل بعض شحنات القوة والجرأة التي يتمتعون بها .
فإذا كان صديقك خائر الإرادة مغلوباً على أمره لا يستطيع مقاومة طبع سيِّئ أو عادة سلبية أو خلق معيّن ، فإنّه قد يترك في نفسك فكرة أ نّك لستَ الوحيد المصروع ، بل الصرعى كثيرون .
ولهذا فأنت بحاجة إلى مصادقة ومعاشرة ومسايرة الذين اقتحموا أسوار الضعف والتردد ، وتمكّنوا من مقاومة بعض أو جميع الطباع السيِّئة .

5 ـ الاستعاضة عن عادة سيِّئة بأخرى حميدة :
يطرح بعض المهتمين بشؤون النفس والتحكّم بها والقدرة على الإقلاع عن العادات السلبية المشينة أسلوباً عملياً لتغيير الطباع والعادات المستحكمة ، وهو أن تستبدل العادات القديمة بأخرى جديدة حتى تنسخ الجديدةُ القديمةَ ، ويقترحون أن تكون العملية تدريجية ، ذلك أنّ العادة المستحكمة لا تزول بسرعة وإنّما تحتاج إلى شيء من الوقت .
جرّب ذلك ـ مثلاً ـ مع عادة اللعب بالأنف وإدخال الإصبع لتنظيفه ، حاول أن تستخدم المنديل ، نظِّف أنفك بالإستنشاق بالماء .. ادعك أنفك من الخارج ، لا تترك إصبعك يتحرك لا إرادياً ليمارس هوايته السيِّئة ، فكلّما ارتفع إلى الأنف انحرف به إلى مكان آخر من وجهك أو رأسك .. اشغل يدك بشيء .. بالتسبيح بمسبحة أو غير ذلك .
هذه العادات الجديدة جيِّدة وصحّية ونافعة ، ومع الإصرار والمواصلة والإنتباه ستقلع عن عادتك القديمة .

6 ـ ضع قائمة بالتغييرات التي ترغب بإحداثها :
ابدأ كلّ عملية تغيير في الطباع والسلوك بكلمة (أريد) .. اكتب ذلك وتابعه وتذكره دائماً ، فإذا كنتَ تعيش القلق قل : (أريد أن أتغلّب على قلقي) ابحث عن سبل الخلاص منه .. ضع خطّة ونفِّذها ، فذلك يزيد في قدرة الوعي والإرادة والتحكّم ، ولا تنسَ أنّ بناء العادة السلبية استغرق زمناً وانّه جاء نتيجة الإهمال واللاّ مبالاة وعدم التصدي لها في مهدها ، ولذا .. لا تغيِّر عدّة طباع دفعة واحدة .. ركِّز على طبع واحد ولا تنتقل إلى غيره حتى تطمئن أ نّك قد تغلّبت عليه .

7 ـ لا تفكّر في ضخامة العوائق :
لو كان متسلّق الجبال قد فكَّر في الصعوبات فقط لما استطاع أن يصل إلى سفح الجبل وليس إلى قمته ، وهكذا أنت فلو كان اهتمامك منصبّاً على العوائق والعقبات التي تعترض طريق تغيير طباعك ، وتبالغ في تصوّرها ، وأنّها ستفشل خطّتك وستحول دون إمكانية التغيير فإن ذلك فعلاً سيحصل وسيثبّط همّتك .
فكِّر بالعوائق ولكن بحجمها الطبيعي ، وتذكّر أنّ الكثير منها وهمي أو مخاوف نفسية ، ولذا فإنّ مَنْ عمل بالقاعدة التالية أفلح : «إذا هبت أمراً فقع فيه فإنّ شدّة توقيه شرّ من الوقوع فيه» .

8 ـ التفت إلى ما لديك من قدرات :
وهناك نقطة جوهرية في إحداث التغيير أو التبديل أو التعديل في الطباع وهي أ نّك لا بدّ أن تعرف أنّ طبيعة كلّ إنسان غنيّة بالممكنات والمواهب والقدرات التي عليه أن يكشفها ويحسن استغلالها .
إنّ الذين غيّروا طباعهم وثاروا على نقاط ضعفهم هم الذين وضعوا أيديهم على مكامن القدرة في شخصياتهم ووظّفوها أفضل توظيف ، وبإمكانك أنت أيضاً أن تشقّ طريق التغيير مثلهم .

9 ـ تبديل بعض الاستعدادات الوراثية :
حتى الاستعداد الوراثي ـ كما يرى بعض علماء النفس ـ خاضع لقانون التغيير وذلك بتبديل العوامل التي تخضع لها وتحسينها . فلو ورث شاب المزاج الحادّ عن أبيه فلا يستسلم ، فإنّه إذا اتّبع خطّة وقائية لتجنّب الانفعال ، واعتياد التوازن والاعتدال ، فإنّه سيتغلّب على حدّيّة المزاج .
فالموروثات إذا لم يُفسح لها المجال في أن تنمو وتستحكم ، فإنّهنّ يصبن بالضمور والتلاشي ، وربّما كان أبوك انفعالياً لأ نّه لم يراقب سلوكه وعواطفه ولم يعالج حالة الانفعال لديه ، ولكنّك إذا وعيت خطر الانفعال وكبحته في وقت مبكر فليس ضرورياً أن تكون انفعالياً مثله .

10 ـ اعتماد الاعتدال والتوازن :
الطباع السيِّئة أو العادات القبيحة غالباً ما تكون نتيجة إمّا إفراط ، أي إسراف ومغالاة وتجاوز ، وإمّا تفريط ، أي تقصير وإهمال وتهاون .
واعتماد قاعدة العدل والوسطية في الأمور كقاعدة حياتية عامّة ، طريق آخر ومهم من طرق تبديل الطباع ونبذ الفاسد منها .
إنّ الشراهة في الأكل ، عادة سيِّئة ، لكنّ الاعتدال في تناول الطعام هو الحل الأمثل للتخلّص منها ، والحبّ الشديد والبغض العنيف تطرّف ، والحبّ المتوازن والبغض المعتدل هو الذي يجنبك الخسائر في كلا الحالين «أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وابغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما» .

11 ـ افتح باب النقد واستقبله :
الآخرون مرايانا .. نرى في وجوههم انعكاس أعمالنا ، فإذا رأوا خصلة أو عادة أو طبيعة مخلّة ارتسم ذلك على وجوههم امتعاضاً وكراهة مما يدعونا إلى أن لا نكرِّر ذلك مستقبلاً .
والنقد سواء كان ذاتياً ، أي (محاسبة) أو موضوعياً ، أي تسديداً ونصيحة ، مطلوب لتعديل ما اعوجّ من سلوكنا وما نشز من طباعنا ، وما من إنسان شاباً كان أو كبيراً إلاّ وهو بحاجة إلى النقدين معاً لإجراء التحولات في عاداته وسلوكه .
12 ـ ترقّب الثمار حتى تنضج :
النتائج لا تأتي سريعاً .. لا تتأفف .. أو تنسحب في منتصف الطريق .. كن صبوراً ولا تتعجل الثمار قبل نضوجها وإلاّ أكلتها فجّة ، وفي الحديث : «مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه» .
التغيير في الطباع يحتاج إلى وقت ، ولكنّك يمكن أن تتلمّس آثاره الأولية كلّما خطوت خطوة في اتجاه إصلاح ما فسد منك .

13 ـ قانون التغيير الأكبر :
وفوق كلّ ما سبق من أساليب وأدوات للتغيير وتبديل الطباع ، تذكّر دائماً قوله تعالى : (إنّ الله لا يغيِّر ما بقوم حتّى يغيِّروا ما بأنفسهم )( 10) .
فمنك يبدأ التغيير ، وعلى مقدار وعيك وجهدك تحصل التبدلات الإيجابية .
ضع قدمك على طريق التغيير .. توكّل على الله .. وسيأخذ الله بيدك .
كيف تتغلّب على بعض الطباع ؟
هذه سياحة قصيرة في التطبيق العملي لبعض الطباع التي نُعاني منها كشبان وكفتيات ، وفي طرق اجتنابها والسيطرة عليها :

1 ـ الخجل :
الخجل موضع إبتلاء العديد من الشبان والفتيات ، أي أ نّه طبع من الطباع التي ترهق كاهل الخجول ، فتراه يسعى دائماً لمواجهة خجله والقضاء عليه ، ولذا :
أوّلاً : لست الخجول الوحيد .. الخجولون كثيرون .
ثانياً : اعتبر الخجل حالة عرضية وليست مرضية ، ولكنّها حالة تحتاج إلى علاج وعدم إهمال .
ثالثاً : الإرادة القوية سلاح فعّال في تجاوز أي طبع تكرهه ومنه الخجل .
لقد تعلّم الأعمى كيف يسير في الطرقات وقد لا يرتطم بشيء .. وتعلّم الأخرس كيف يتفاهم مع الناس بالإشارات ويوصل إليهم مطالبه ويوصلون إليه ما يريدون .. وتعلّم المعوّق كيف يواجه علّته ويتأقلم أو يتعايش معها كما لو لم يكن قد فقد شيئاً .. .
هل الخجل أعقد من ذلك ؟! أبداً .
ادرس الإرشادات التالية التي تجعلك تقول لـ (الخجل) وداعاً :
أ . نمِّ ثقافتك ، فالثقافة الوجه الذي تطلّ به على الناس .
ب . تحدّث باهتمامك أو ميولك وهواياتك واختصاصك ولا تدسّ أنفك في أمور لا تجيد الحديث عنها .
ج . قل رأيك مهما كان متواضعاً .. تحرّر من عقدة الرأي الصواب 100 % فليس هناك رأي صائب بهذه الدرجة ، إلاّ القول المقدّس .
د . درِّب نفسك على الشعور بالاستقلالية وعدم التركيز على الأجواء والأشخاص المحيطين بك .. تصوّر أ نّهم لا يعلمون وتحدّث معهم كما لو كنت تريد تعليمهم أو إعلامهم .
هـ . افتح صدرك للنقد .. أظهر شيئاً من التماسك في حضرة الآخرين ، وتعلّم أساليب الردّ اللطيف : «لَم أسمع بهذا من قبل» ، «هذا ليس من اختصاصي لا أحبّ الخوض فيه» ، «أحبّ أن أستمع لأستفيد أكثر» .
و . كن مستمعاً جيِّداً .. اُنظر كيف يتحدّث الآخرون .. لا بأس عليك .. تعلّم بعض أساليبهم .. ستفيدك في القريب العاجل .
ز . لا تعطِ للأشياء والتصورات أكبر من حجمها ، ولا تفسح المجال للخيال واسعاً ، فقد يعكّر صفاء ذهنك ومزاجك .. خذ الأمور بسهولة ودون أي تعقيد .
ح . لا تطل حالات العزلة والانكماش لأ نّها موحشة وتزيد في الخجل والإنطواء .
ط . تحدّث مع نفسك في الخلوات.. ناقش موضوعاً من المواضيع.. اطرح آراءك حوله .. ضع أسئلة مفترضة قد توجه إليك وأجب عليها .. الكثير من الخطباء والمفوهين كانوا يفعلون ذلك .
ي . لا تطلب الشهرة والأضواء والتصفيق والإستحسان .. اطلب المقبولية ، أي أن تظهر شخصاً طبيعياً مقبولاً .
ك . الجرأة تمرين .
ل . التمرين يؤدِّي إلى التكامل ، وإلى التغلّب على الخجل وعلى كلّ مواطن الضعف .

2 ـ الشرود الذهني (ضعف التركيز) :
وهذه الحالة أو الطبع يبتلى به العديد من الشبان والفتيات أيضاً ، خاصة أولئك الذين يستغرقون في أحلام اليقظة كثيراً ، ولو تركت هذه الحالة وشأنها لاستحالت إلى عادة ولأثّرت بشكل سلبي على تفكير الشاب واستيعابه لا سيما وأنّ التركيز مطلوب في مراحل التعلّم المختلفة .
ومرّة أخرى نقول لك : إنّ الخروج من هذه الأزمة أو المشكلة أمر ممكن إذا راعينا عدداً من الأمور :
أ . جرِّب أن تركّز على شيء معيّن لفترة طويلة نسبياً ، علّق نظراتك على لوحة فنّية معلّقة على الجدار .. ادرس كلّ دقائقها في اللون والظلال والحركات واللفتات حتى لا تغادر شيئاً منها .. ثمّ اغمض عينيك وراجع اللوحة في ذهنك .. اُنظر كم التقطت منها وكم فاتك ، وأعد المحاولة ، فإن هذا التمرين سيغرس فيك حالة التركيز .
ب . طريقك المعتاد الذي تمشيه أو تقطعه من البيت إلى المدرسة وبالعكس ، حاول أن تستذكره بقعة بقعة ومعلماً معلماً ، فهذا التمرين سينمّي لديك أيضاً حالة الانتباه والاستذكار ، ذلك أنّ التركيز وشدّ الانتباه يشبه إلى حدّ كبير أيّة قوّة عضلية أو عقلية تنمو بالمراس والمداومة ، وحتى تنشط ذاكرتك درِّبها ومرِّنها دائماً في التقاط المعلومات ومراجعتها لأ نّك إذا أهملت ذلك أصيبت الذاكرة بالضمور .
ج . لا تنتقل من فكرة إلى فكرة بسرعة .. أطل الوقوف عند فكرة معيّنة .. استغرق فيها ، كما لو كنت تتأمّل مشهداً أمامك .. فهذا يساعدك على التركيز وتثبيت الانتباه وجمعه .
د . تتبّع موضوعاً ما ، أو حدثاً ما خطوة خطوة ، منذ ولادته وحتى ختامه ، تابع أخبار زلزال وقع في منطقة معيّنة ، أو حريق شبّ في إحدى الغابات ، أو عدوان عسكري على مدينة أو دولة ، فالمتابعة وملاحقة التطورات والتفاصيل تثري في عملية التركيز .
هـ . احتفظ بدفتر مذكرات صغير (أجندة) .. دوّن فيها ما تريد القيام به من نشاط ، أي قائمة بأعمال النهار ومسؤولياتك .. أو اكتب على ورقة أو قصاصة ما تنوي عمله قبل أن تخرج من البيت ، وراجعها باستمرار ، وأشِّر على ما تمّ إنجازه .
و . قوّ حافظتك في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة والحكم وأبيات الشعر الجميلة ، والنكات الظريفة ، والقصص المعبّرة ، فإنّ الذاكرة إذا قويت في جانب فإنّها يمكن أن تقوى في جانب آخر .
ز . وجِّه اهتمامك بما يقوله محدّثك لا بما يلبسه أو بما تحمله من ذكريات الماضي عنه .. واحصر ما يقوله في نقاط .. ويمكنك أن تعمد إلى كتابة ملخص بما يقول حتى تتمكّن من الردّ على كل النقاط أو أهم ما ورد في حديثه .
هذه وغيرها أساليب عملية التقطناها لك عن ممارسة وتجربة حياتية أثبتت جدواها .. جرِّبها فلعلّها تطرد عنك حالة الشرود الذهني وضعف التركيز .
3 ـ الملل والسأم :
الكثير من الأشياء والممارسات تصبح بعد حين مملّة مضجرة وتبعث على السأم خاصّة إذا تكرّرت كثيراً ودخلت في حالة الرتابة والروتين . فقد تجد شاباً أو فتاة يعانيان من الملل السريع ، فما أن يصبح الشيء المرغوب أو المطلوب تحت أيديهما حتى يملاّه ويبحثا عن غيره ، أي أنّ جذوته تنطفئ بسرعة وهو ما يعبّر عنه بـ (العاشق الملول) أي الذي لا يتعلّق بشيء ولا يهنأ ولا يلتذّ به إلاّ برهة قصيرة .
حالة الملل هذه تصيب أكثر الناس وهي ليست محددة بعمر معيّن ، وهي ليست حالة مرضيّة ، لكنّها تعبير عن وضع نفسي قلق .. وهي قابلة للتغيير أيضاً ، ومن طرق تغييرها :
أ . ادخل تحسينات ولوطفيفة على الأشياء والبرامج والنشاطات .. تجد أنّها تكتسي حلّة جديدة ، فتغيير نظام الغرفة بين آونة وأخرى يضفي عليها حيوية جديدة .
ب . ابحث عن الإيجابيات الأخرى ، فقد تكون هناك أكثر من إيجابية واحدة في الشيء الذي مللت منه .
ج . حاول أن تخفف وطأة النقد وأن لا تكون شديد القسوة في نقدك للأشياء والأشخاص بحيث لا ترى إلاّ الوجه المعتم منها .. ترفّق .. وتذكّر أ نّه ما من شيء إلاّ وله عيوبه وحسناته ، فليس هناك شيء إيجابي بالمطلق .
د . اترك الشيء الذي مللت منه لفترة ثمّ عد إليه بعد حين ، ستجده اكتسب ألقاً ونضارة جديدة .
هـ . نَوِّع في أساليب التعامل مع الأشياء والأشخاص .. لا تستخدم نفس الكلمات.. جدّد في التعبير .. تمرّن على الظرف واستخدام الدعابة.

4 ـ الخـوف والجُـبن :
يقال إنّ الخوف نعمة لأ نّه يقي الانسان من مزالق ومخاطر التهوّر أو الأشياء التي تبيّت له شرّاً ، لكنّ الخوف يتحول إلى مشكلة إذا استشرى وأصبح عقدة مستعصية ، أو إذا استحال إلى حالة من الجبن .
ويقال أيضاً إنّ الخوف في أكثره وهميّ ، وهذا ما عبّر عنه الحديث : «إذا هبت أمراً فقع فيه فإنّ شدّة توقّيه شرّ من الوقوع فيه» . وهو ما صاغه الشاعر بعبارة أخرى :
وما الخوفُ إلاّ ما تخوّفه الفتى***وما الأمنُ إلاّ ما رآهُ الفتى أمنا
فكيف تنزع لباس الخوف والهلع عنك ؟
كيف تبدّد المخاوف التي تحدق بك ؟
وإليك بعض المحاولات :
أ . ادرس كلّ حالة خوف دراسة واقعية .. اُنظر ماذا يخيفك فيها ؟ هل هي خوف نابع من حالة طفولية قديمة لازمتك منذ الصبا ولم تستطع التخلّص منها ؟ إذن آنَ الأوان أن تضعها عن كاهلك وإلاّ رافقتك مدى الحياة .
هل هي مما يخصبه الخيال ويضخّمه ؟ هذا يعني أنّ حجم الخوف ليس طبيعياً وإنّما هي وساوس النفس التي نفخت فيه فانتفخ . وقد يكون خوفاً حقيقياً وهنا ينبغي أن تحترس منه وتتحاماه .
ب . إنّ الجرأة والشجاعة ـ كما سبق أن أوضحنا ـ تمرين واكتساب وممارسة ، اقتحم مواطن خوفك .. جرّب أن تسير في الظلام لبعض الوقت .. وأن تمشي في طريق ليس فيها مارّة ، أو الإطلالة من بناية شاهقة ، أو الوقوف على حافة جبل ، أو المشي على جسر ضيِّق بلا أسوار .. قد يداخلك الرعب في هذه الحالات لكنّه سبيلك لمكافحتها .
إنّ مخاوفنا تدعونا للحذر لكنها لا تمنعنا من اختبار أنفسنا أو المخاطرة المدروسة .
ج . رافق الشجعان ، واقتبس من روحهم روحاً وزخماً لروحك .. اُنظر كيف يتصرفون في المواقف الحرجة والخطرة ، واقرأ دائماً قصص الأبطال والبطولات والقادة الذين هزئوا بالخوف وبالموت .
د . تذكّر أنّ الموت أجلٌ وكتاب ، وإذا كان الأمر يستدعي التضحية ، فإنّ الشاعر يقول :
إذا لم يكن من الموت بُدٌّ((11 ))***فمن العجز أن تموت جبانا

عودٌ على بدء :
نعود الآن إلى ادّعائنا أو افتراضنا الذي طرحناه في البداية ، وقلنا إنّنا سنقدِّم الإثبات عليه .. وقد حاولنا ، ونترك لك تقدير أو تثمين المحاولة ، في أنّ التغيير ممكن ، ولو لم يكن كذلك لبقي كلّ واحد منّا يراوح مكانه ولا يبرح الوضع أو الدرجة التي هو فيها .
إنّنا نفهم من العديد من الأحاديث الشريفة ومنها : «المغبون مَنْ تساوى يوماه ، والملعون مَنْ كان غده أسوأ من يومه ، والمغبوط مَنْ كان غده أفضل من يومه» أن تبديل الطباع وإحداث التحولات الإيجابية سمة بارزة من سمات الدين الاسلامي العظيم .

-----------------------
(10 ) الرعد / 11 .
( 11) البُدّ : المَهرب .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


في امان الله

اسير العبرات 18-07-2006 12:17 PM

مشاركة: انتبه طباعك قابله للتغير
 
ويقال "بطبيع مايجوز عن طبعه"
تحياتي أخوي كونان .................. واصل

كونان 18-07-2006 10:45 PM

مشاركة: انتبه طباعك قابله للتغير
 
الف شكر لك اخي اسير العبرات
على تشرفيك صفحتي وحفظك الله ورعاك
في امان الله

AL-NAQEEB 25-07-2006 04:51 PM

مشاركة: انتبه طباعك قابله للتغير
 
باركـ الله فيكـ ياأخوي
كونان

على هذه النقله الرائعه والهادفه

وموقع الكتاب في الأسفل
اضغط هنا
تقبلوا تحياتي/
AL-NAQEEB


الساعة الآن 01:30 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد